٩. القول فى خصائص بلاد الصين
بلاد الصين بلاد إلى الشرق منها بحر الأوقيانوس المشرقى ، وإلى جنوبها حدود الواق واق وجبل سرنديب والبحر الأعظم ، وإلى غربها الهند والتبت ، وشمالها حدود التبت والتغزغز والخرخيز.
وهى بلاد كثيرة الخيرات وفيها مياه جارية ، وفيها معادن الذهب بوفرة.
وفى هذه البلاد الجبل والمفازة والبحر والرمل.
وملكها يدعى فغفور الصين ، ويقال إنه من أبناء فريدون.
ويقال إن ملك الصين فيه ثلاثمائة وستون بلدا ، يجبى إلى الخزانة مال بلد واحد كل يوم.
وأهل هذه البلاد أهل صناعة وأعمال بديعة. يذهب إليها الناس للتجارة بواسطة السفن التى تمخر نهر غيان (١) لتصل التبت.
غالب أهلها على دين مانى (٢) ، وملكهم شمنىّ (٣).
وفى هذه البلاد يوجد الذهب الكثير والحرير والفرند والخاوخير الصيني والديباج والغضائر والدار صينى والختو الذي تصنع منه مقابض السكاكين (٤) والأعمال البديعة من كل شىء. وفيها الفيلة والذئاب.
__________________
(١) في الأصل عنان. وكتبها مينورسكي وستوده : غيان.
(٢) ماني (٢١٥ ٢٧٦ م) مؤسس الديانة المانوية القائلة بإلهين ، إله النور وإله الظلمة. يقول جفري بارندر أستاذ مقارنة الأديان بجامعة لندن : إن ديانة ماني" انتشرت في كل مكان من الإمبراطورية الرومانية وفي بلاد العرب ، والهند والصين" (المعتقدات الدينية لدى الشعوب ، ١٣٠). ويفسر المسعودي سبب اعتناق الصينيين للمانوية اتصال بلادهم ببلاد أمة التغزغز (مروج الذهب ، ١ / ١٥٤).
(٣) الشمنية (shamanism) : " عبادة وثنية قديمة العهد منتشرة في سيبريا وحدود الصين ، واسمها مأخوذ من شامان أو شمان ، وهو لقب خدمة الدين الذين يقومون عند أصحابها مقام كهنة ورقاة وأطباء ... ولهم آلهة لقوى الطبيعة كالغيوم والأمطار والزوابع وقوس قزح وهلم جرا. ويعتقدون بوجود أرواح خبيثة تعيش تحت الأرض وفي الماء وتتسلط على الأشرار وتنتقم منهم ، ولكنها لا تقوى على أذى البررة الصالحين. ويعتقدون أيضا بحياة أخرى كهذه الحياة يتقربون فيها بعد الموت إلى الآلهة ويصيرون وسطاء بينهم وبين الناس" (دائرة معارف البستاني ، ١٠ / ٥٧٩). وفي الروض المعطار (ص ٣٧١): " وملّة الصين تدعى السمنية". وفي طبائع الحيوان (ص ٦): " الصين كلهم على دين واحد وهو ماني".
(٤) الفرند : نسيج من الحرير (برهان قاطع : برند) ، والخاوخير نوع من الثياب الصينية. أما الختو فهو قرن الحيوان المسمى بالكركدن. ويرى أندريه ميكيل أنه قرن الكركدن الشمالي أو الماموث (جغرافية دار الإسلام البشرية ، ٢ (٢) / ٢٨٩) ، خصص له البيروني فصلا في الجماهر (٣٣٨ ـ ٢٤١)