مقدّمة
كانت المصادفة وراء الكشف عن هذا الأثر المهم الذي وصفه بار تولد بقوله : " تكمن الأهمية الكبرى لهذا الأثر في احتوائه على مادة وفيرة عن بلاد الترك وعن مناطق آسيا الوسطى التى لم تخضع لسلطان المسلمين ، ومادته في هذا الصدد تفوق من حيث الوفرة والتفصيل مادة جميع المصنفات الجغرافية العربية الأخرى الموجودة بين أيدينا" (١).
والذي قال عنه كراتشكوفسكي : " بالرغم من أنه مكتوب بالفارسية ، إلا أنه يجدر بنا الوقوف عنده ، لا لأنه وجد زعم يقول بأنه ترجم عن العربية في الأصل ، بل أيضا لارتباطه الوثيق بالتراث العربي بحيث لا يكتمل الوصف العام للأدب الجغرافي دونه" (٢).
فقد كلّف المستشرق الروسي النقيب أ. غ. تومانسكي (الميجر جنرال فيما بعد) صديقا له ساكنا بسمرقند بالبحث عن مخطوطة كتاب (ألوس أربعه ألوغ بيك) (٣). وبعد فترة كتب إليه هذا الصديق في ٢٥ / ١٠ / ١٨٩٢ أنه سعى خلال فترة إقامته ببخارى للعثور على كتاب ألوغ بيك ولم يوفق ، إلا أنه عثر بدلا من ذلك على مخطوطة تشتمل على أربع رسائل هي : ١. رسالة صغيرة في الجغرافيا بعنوان جهان نامه من تأليف محمد بن نجيب بكران ؛ ٢. رسالة مختصرة في الموسيقى من تأليف" الأستاذ عجب الزمان بل أستاذ خراسان محمد بن محمود بن محمد النيسابوري" ؛ ٣. حدود العالم من المشرق إلى المغرب ؛ ٤. كتاب جامع العلوم لفخر الدين الرازي المتوفى سنة ٦٠٦ ه (٤).
ولما كانت رسالة جهان نامه في الجغرافيا فلا بأس أن نعطي القارئ العربي فكرة عن مصادرها ذلك أنها بالفارسية. ذكر المؤلف في مقدمتها مصادره على النحو التالي : " مما وقع في يدي من مجاميع الزيجات القديمة والحديثة وكتب علم النجوم وقد قابلتها مع بعضها ..
__________________
(١) تركستان ، ٧٦.
(٢) تاريخ الأدب الجغرافى العربى ، ٢٤٢.
(٣) حكم ميرزا ألوغ بيك بن شاهرخ التيمورى تركستان وما وراء النهر خلال السنوات ٨٥٠ ـ ٨٥٣ ه ، ويشير بار تولد إلى أن هذا الكتاب هو مصنف تاريخى عنوانه : تاريخ أربع ألوس ، واستشف من عنوانه أنه يعالج الكلام على تاريخ إمبراطورية المغول بأجمعها ، وقال إنه توجد مخطوطة فى المتحف البريطانى لموجز تاريخ ألوغ بيك هذا. وأضاف أن الكتاب ليس من تأليف ألوغ بيك ولكن رفعه" أحد العلماء" إلى شاهرخ باسم ألوغ بيك (تركستان ، ١٣٤ ـ ١٣٥).
(٤) Minorsky ,Hudud ـ ـ ـ ,p.VII ـ VIII.