١٢ ـ القول في بلاد التغزغز ومدنها
إلى الشرق منها بلاد الصين ، وإلى جنوبها قسم من التبت وقسم من الخلخ ، وإلى مغربها قسم من الخرخيز ، وإلى شمالها أيضا الخرخيز إذ تمتد على جميع حدودهم. وهي أكبر بلاد الترك ، وكانوا قديما أكثر الأقوام فيها ، كما كان ملوك جميع بلاد الترك قديما من التغزغز ، وسكانها مقاتلون مدججون بالسلاح الكثير. وهم يتنقلون خلال الصيف والشتاء من مكان إلى آخر بحثا عن الكلأ والهواء الأفضل (١).
__________________
(١) " التغزغز : وبلدهم أوسع بلاد الترك" (ابن خرداذبه ، ٣١). وقد نقل هذه المعلومة عنه ابن الفقيه مع حدود هذه البلاد وما يرتفع منها كما وردت لدى ابن خرداذبه (البلدان لابن الفقيه ، ٦٣٤). ويقول بار تولد فى دائرة المعارف الإسلامية (مادة : تغزغز): " يتفق ما ذكره العرب عن مواطن التغزغز والروايات الصينية وما ذكره المسلمون المتأخرون عن الأويغور ... ويلوح أن الاسم تغزغز ـ وهو اسم اسلاف الأويغور ، أى الشاتعو من الترك خاصة ـ قد أطلقه العرب على الأويغور ... وقد توافرت لنا إبان العهد المغولى أخبار أقرب إلى الواقع عن آسيا الوسطى وخاصة عن الأويغور ، ومن ثمّ لم يطلق منذ ذلك العهد اسم التغزغز قى كتب المسلمين الجغرافية علما على شعب". ويسميهم أندريه ميكيل (٢ (١) / ٢٦٦) أتراك الجبال ، ويعتمد على مينورسكى ليقول" تقيم فئة كبرى أولى أممها فى الجنوب الشرقى فى الأراضى العالية من جبال تيان شان وألطاى أشهرها جميعا أيوغور ، أصحاب النسب المنغولى نعنى التغزغز. وكانت أمة أيوغور بأجمعها تنزل فى حوض أورخون إلى جنوب بحيرة بايكال عندما زارها تميم بن بحر المطوّعى بين ١٤٣ و ١٨٤ ه ، ثم انتقل قسم منها تدريجيا حوالى عام ٢٤٦ إلى شرق جبال تيان شان الذي تشير مصادر الجغرافيا العربية إلى نزول التغزغز فيه .. وينتشر التغزغز إجمالا من الأنحاء الجبلية المجاورة لبحيرة إيسيكول فى الشمال والشرق باتجاه الجنوب الشرقى الذي يرتادونه على الأقل فى غزواتهم حتى المدن التى تتوالى على طول الطريق الذاهبة من كاشغر إلى ختن. ويسمى جيرانهم الرئيسيون القرلق (الخرلخ) من الجهة الجنوبية الغربية ، والقرغيز (الخرخيز) والكيماك من الشمال". وعن رحلة تميم المطوعى الذي زار بلادهم وحدّث ابن الفقيه عنها ، انظر البلدان ، ٦٣٧. أما الكرديزى الذي تحدث بشكل واف عنهم فقد افتتح كلامه : " أما الغز فهم الذين يقال لملكهم خاقان التغزغز" (زين الأخبار ، ٥٦٧ ـ ٥٧٢). أما المعلومات المتأخرة عنهم إضافة إلى أسباب تعدد أسمائهم فقد ذكرها بإسهاب رشيد الدين الهمدانى (جامع التواريخ ، ١ / ١٠٥ ـ ١٠٨). وعن عددهم يقول الجاحظ وهو يتحدث عن شجاعتهم فى الحرب إنهم يتفوقون على الخرلخية وإن كان هؤلاء أضعافهم فى العدد (" كتاب الأوطان والبلدان" ، ٢ / ١٢٦ ـ ١٢٧). وفى ديوان لغات الترك" أيغر : اسم ولاية وهى خمس مدائن وأهلها أشد الكفرة وأرماهم ، وهى : سلمى ثم قوجو ثم جنبلق ثم ينكي بلق" (١ / ١٠١ ـ ١٠٣ ، علما أن هذا الكتاب كتب بين ٤٦٤ و ٤٦٦ ه) ؛ وفى طبائع الحيوان (ص ١٨) حيث فصل الأتراك : " ومن قبائلهم العظمة الغزّية وهم اثنا عشر (كذا) قبيلة يسمى بعضهم التغزغز وبعضهم أي غر وبعضهم أوج غر ، وملكهم يسمى تغز خاقان ..".