من قبل وتوفر مصادر كيرة لم تتيسر لاحد حينذاك وتأسيس مكتبات عامة أنقذت المخطوطات من التملكات الفردية في البيوت وزوايا الخمول وفهرستها وعرفت بها ليجد كل أحد بغيته منها ، ولا تنس دور تصوير المخطوطات في تسهيل الامر وجلب المخطوط مصوراً من مكتبات العالم في شرق الارض وغربها ووضعه بين يدي الباحث ، ثم الرحلات والتجولات في مكتبات العراق وايران والحجاز وسوريا والاردن ولبنان وتركيا وبريطانيا ، كل ذلك وفر لي العثور على مصادر لم تتوفر لشيخنا رحمهالله حين تأليف « الغدير » قبل ستين عاماً ، وتجمع من هنا وهناك من مخطوط ومطبوع ومصور مما لم يكن في متناول اليد على عهد شيخنا الاميني رحمهالله الشيء الكثير.
ومن الخواطر العالقة في ذهني أني دخلت يوماً على شيخنا الاميني عائداً له لمرض ألم به وذلك قبل نحو اربعين عاماً وقبل تأسيس مكتبة أمير المؤمنين عليهالسلام بسنين فقال لي ـ وهو طريح الفراش ـ : « ان تاريخ ابن عساكر موجود في المكتبة الظاهرية بدمشق ، وهذا الكتاب وحده مما ينبغي شد الرحال اليه ، ولو سافر أحد من هنا الى دمشق لهذا الكتاب فحسب كان جديراً بذلك » وكان لاول مرة يطرق سمعي تاريخ ابن عساكر والمكتبة الظاهرية ، ثم دارت الايام والليالي واسس شيخنا رحمهالله المكتبة واتيحت لي سفرة الى سوريا في عام ١٣٨٣ هـ وبقيت بها أكثر من ثلاثة اشهر ، وتذكرت خلالها كلام شيخنا رحمهالله عن تاريخ ابن عساكر فصورته كله ، كما صورت من نفائس مخطوطات الظاهرية ما تيسر ، ورجعت الى النجف الاشرف ، وارسلت المصورات من بعدي في طرد بالبريد لمكتبة أمير المؤمنين عليهالسلام العامة ، ورحل هو رحمهالله إلى دمشق في العام بعده ومكث في الظاهرية فترة أفاد من مجاميعها وسائر مخطوطاتها ، وكان يقرأ المخطوط حرفياً وينتقي منهه ويسجله