فقال : ألقها فإنها لا تحل لمحمد ولا لاهل بيته.
٧١ ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني ابن أبي سبرة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : خرجنا مع علي إلى الجمل ـ ستمائة رجل ـ فسلكنا على الربذة فنزلناها ، فقام إليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه وقال : إئذن لي فأتكلم ، فقال علي : تكلم ودع عنك أن تخن خنين الجارية!
فقال الحسن : إني كنت أشرت عليك بالمقام وأنا اشير به عليك الان!
إن للعرب جولة ، ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها قد ضربوا إليك آباط الابل حتى يستخرجوك ولو كنت في مثل جحر الضب. فقال علي : أتراني ـ لا أبا لك! ـ كنت منتظراً كما تنتظر الضبع اللدم (٥١).
ـــــــــــــــ
(٥١) الخنين ـ بالخاء المعجمة ـ قال في النهاية : ضرب من البكاء دون الانتحاب ، وأصل الخنين خروج الصوت من الانف ..
وهذا الاثر لا يصح فإنهما عليهماالسلام كانا أتقى لله من أن يجابه أحدهما الاخر بمثل هذا الكلام ، وعلى خلاف ما ثبت من سيرتهما وأدبهما ، قال ابن كثير في تاريخه ٨ / ٣٧ : وكان علي يكرم الحسن إكراماً زائداً ويعظمه ويبجله ، وقد قال له يوماً : يا بني ألا تخطب حتى أسمعك؟ فقال : إني أستحيي أن أخطب وأنا أراك ..
أقول : ويأتي هذا هنا بعد حديثين فراجع ، فهذا الذي يجل أباه ويهابه أن يخطب بمشهد منه فكيف يواجهه بهذا الكلام القاسي واللحن الشديد! وهو الذي لم يسمع أحد منه كلمة فحش طيلة حياته ، راجع ما يأتي في صفحة ١٥١ ، هذا بالنسبة إلى الاباعد والاعداء فكيف به مع أبيه الطاهر ، والحسن عليهالسلام هو أعرف الناس بمقام أبيه وقدسيته وطهارته وعصمته ، وهو الذي أبنه عند مقتله بقوله :
والله ما سبقه أحد كان قبله ، ولا يدركه أحد يكون بعده ... ».
وهو عليهالسلام يعلم أن أباه مع الحق والحق مع أبيه ، يدور الحق مع أبيه حيثما دار. فالقصة مختلقة جزما وخاصة أن رجال سندها بين ضعيف وخارجي ناصب العداوة لهما.
فأما ابن أبي سبرة وهو أبوبكر بن عبدالله بن أبي سبرة ، فهو ضعيف بالاتفاق بل وضاع ، قال أحمد : كان يضع الحديث ... وليس حديثه بشيء ، كان يكذب ويضع الحديث.
الكنى للبخاري ص ٩ ، العلل ومعرفة الرجال لاحمد بن حنبل ص ١٧٨ رقم ١١١١ ، المعرفة والتاريخ ٣ / ٤٠ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٥٠٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٢٧.
وأما داود بن الحصين فهو خارجي كان يذهب مذهب الشراة وكان ولاؤه لآل عثمان ، قال أبو داود : أحاديثه عن شيوخه مستقيمة ، وأحاديثه عن عكرمة مناكير. وقال ابن المديني : ما روى عن عكرمة فمنكر. وقال ابن حبان : تجب مجانبة روايته.
المجروحين لابن حبان ١ / ٢٩٠ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٥ ، المغني في الضعفاء ١ / ٢١٧.