أن يكون مادحاً اليوم عائباً غداً.
١٨٥ ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثني عبدالرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : حج معاوية سنة خمسين ، وسعيد بن العاص على المدينة وقد وليها قبل ذلك في آخر سنة تسع وأربعين ، وهي السنة التي مات فيها الحسن بن علي ، فلم يزل معاوية يهم بعزله ويكتب إليه مروان يعلمه ما أبلى في شأن حسن بن علي وأن سعيد بن العاص قد لاقى بني هاشم ومالأهم على أن يدفن الحسن مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر وعمر! فوعده معاوية أن يعزله عن المدينة ويوليه ، فأقام عليها سعيد ومعاوية يستحي من سرعة عزله إياه ، وسعيد يعلم بكتب مروان إلى معاوية ، فكان سعيد يلقى مروان ممازحاً له يقول : ما جاءك فيما قبلنا بعد شيء؟! فيقول مروان : ولم تقول لي هذا؟ أتظن أني أطلب عملك؟! فلما أكثر مروان من هذا سكت سعيد بن العاص واستحى.
وبلغ مروان أنه كتب إلى سعيد من الشام يعلم بكتبك إلى أمير المؤمنين تمحل بسعيد وتزعم أن سعيداً في ناحية بني هاشم ، ثم جاءه بعد العمل وقد حج سعيد سنة ثلاث وخمسين ودخل في الرابعة فجاءه ولاية مروان بن الحكم ، فكان سعيد إذا لقيه بعد يقول له ممازحاً له : قد كان وعدك حيث توفي الحسن بن علي أن يوليك ويعزلني فأقمت كما ترى سنتين والله يعلم لولا كراهة أن يعدّ ذلك مني خفة لاعتزلت ولحقت بأمير المؤمنين ، فيقول مروان : أقصر فإنّا رأينا منك يوم مات الحسن بن علي اموراً ظننا أن صغوك مع القوم ، فقال سعيد : فوالله للقوم أشدّ لي تهمة وأسوأ فيّ رأياً منهم فيك.
فأما الذي صنعت من كفي عن حسين بن علي فوالله ما كنت لاعرض دون ذلك بحرف واحد وقد كفيت أنت ذلك.
١٨٦ ـ قال محمد بن عمر : قال عبدالرحمن بن أبي الزناد : قال أبي : فلم يزالا متكاشرين فيما بينهما فيما يغيّب أحدهما عن صاحبه ليس بحسن ، وهم بعد يتلاقيان ويقضي أحدهما الحق لصاحبه إذا لزمه ، وإذا التقيا سلم أحدهما على صاحبه