ندسان الملك :
فلما تولى عليهم سار فيهم بسير أبيه فأحبه الناس ، ثم عمدوا إلى جمع المهندسين فعمروا له قصرا من خشب ، ونقشوه ، وزينوه ، وموهوه / وصوروا فيه صورة الكواكب ونجّده بالفرش وحمله على الماء ، فكان يتنزه عليه. فبينما هو يوم في نزهة ، والقصر سائر به على وجه الماء ، فنظر في بعض شبابيكه إلى ما تحته وما حوله ، وهو معجب بنفسه ، جاءت ريح عاصفة فانكسر القصر ، وهلك ندسان.
وكان لما تولى خاف على مملكته ، فنفى إخوته إلى المدائن الداخلة في الغرب ، وانفرد بامرأة من بنات عمه ، وكانت ساحرة ، واستخلف بعض وزرائه على مملكته ، وأقبل هو على لذاته وتنزهاته ، فلما هلك كتمت الساحرة أمره (١) ، وكانت تأمر وتنهى عن أشياء فيفعلوها ظانين أنها صادرة عن رأيه.
فأقاموا على ذلك تسع سنين ، فبلغ إخوته طول غيبته فولوا أحدهم واسمه :
شمروذ بن هرصال ... (٢) :
فتجهز وخرج سائرا إلى أن بلغ أمسوس ، فلما اتصل بامرأة أخيه خبره ، فأمرت بملاقاته ومحاربته (٣) فخرجوا إليه فهزمهم شمروذ وإخوته ، وقتلوا كثيرا من أصحابها (٤) ممن كان خرج إليهم. وتموا سائرين إلى أن دخلوا مدينة أمسوس فهجموا (٥) [على](٦) دار المملكة ، فلم يروا أخوهم ندسان ، فأجلسوا شمرود على سرير مملكته ورضيه الناس. ثم عمد (٧) إلى الخزائن والذخائر ففرقها عليهم وأقطعهم جميع ما كان قد خزنه ندسان لنفسه.
وطلب الساحرة ليقتلها فهربت هي وابنها إلى بلاد الصعيد ، وكان أهلها كلهم سحرة فامتنعت بهم. ثم دست (٨) كتابا لكبراء أمسوس بأن ابنها والي (٩) الملك بعد أبيه وقلده قبل هلاكه. فقالوا : إن الولد مغصوب على ملك أبيه.
__________________
(١) في المخطوط : امرأة ، وهو تحريف.
(٢) موضع النقط كلمة كتبت بالحمرة وهي غير واضحة.
(٣) في المخطوط : محارباته ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : أصحابهم ، وهو تحريف.
(٥) في المخطوط : مجموا ، وهو تحريف.
(٦) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.
(٧) في المخطوط : عمدوا ، وهو تحريف.
(٨) في المخطوط : درست ، وهو تحريف.
(٩) في المخطوط : إلى ، وهو تحريف.