اعمالكم ، فإني ارى نواميس هذا رفيعة جدا. فعرضوا (١) عليه أعمالهم ، فسّرّ سرورا كثيرا ، وزعم أنه بها من أمر موسى مأمون ، فأحضر موسى عليهالسلام وقال له : قد وقفت على سحرك ، وعندي من يوفي عليك.
يقول له ذلك ، والرعب في قلبه من موسى عليهالسلام ، لأنه حين رآه ألقى الرعب في قلبه. فوعدهم ليوم عيدهم على أن من غلب منهما / اتبعه الآخر. وكان جماعة من البلد اتبعوا موسى (٢) عليهالسلام ، وآمنوا به ، ففطن بهم فرعون فقتلهم.
عدة سحرة فرعون وجمعهم يوم الزينة :
فلما كان يوم عيدهم حضروا جميعهم ، وكان عدد السحرة على ما قيل : مائتي ألف ، وأربعين ألفا ، فعملوا من السحر والتماثيل والتهاويل ما يحير العقول ، من دخن ملون يرى منه وجوها ملونة ومشوهة ، منها : الطويل والقصير والمكريج والعريض ومنها المقلوب جبهته إلى أسفل ، ولخيته إلى فوق.
ومنها : ما له قرون ، ومنها : ما له خرطوم ومنها : ما له أنياب بارزة كالفيلة ، ومنها : ما له رأس ، ومنها : ما له آذان كآذان الفيلة ، ومنها ما هو يشبه القردة والشياطين والأبالسة والمردة.
ومن كل فن وصورة وذوو أجسام عظام تبتلع السحاب ، وحيات كالجبال بأجنحة تطير في الهواء ، ثم تصدم بعضها بعضا ، وحيات يشج النار من أفواهها تكاد تحرق الحاضرين. وحيات تطير ثم ترجع فتبتلع الحاضرين ، وعصى الخلق في الهوى وتصير حيات بشعور وأذناب ، فتهجم على الناس فتنهشهم بأفواهها ، وتلطشهم بأذيالها. ومنها ما له قوائم كقوائم البخت ، وأظهروا تماثيل في خلوق الشياطين.
وعملوا أدخنة تغشي الأبصار عن النظر ، فلا يرى بعضهم بعضا فيسمع لها أصواتا مخوّفة. ودخنوا بدخن يظهر للناظرين أشكالا حيوانية في صورة الثيران ترى في الجو راكبة على دواب تشاكلها ، ويصدم بعضها بعضا ، فتسمع لها قعاقع ، وضجة ، وأشكالا ، وأشباحا خضراء على دواب خضر ، وصور أسود هائلة تميل على الناس تكاد تحرقهم ، وتخطفهم وأشياء كثيرة من هذا الضرب. فلما رأى فرعون ذلك سرّ سرورا كثيرا.
وأما موسى عليهالسلام :
لما شاهد ذلك لم يرعه شيء ، وعلم أنها أفعال موهمة ، وإنما خاف الفتنة على من
__________________
(١) في المخطوط تكررت كلمة : فعرضوا ، فحذفت التكرار.
(٢) في المخطوط : اتبعوا إلى موسى ، وكلمة «إلى» زيادة فحذفتها.