بسم الله الرّحمن الرّحيم
[قال] صاحب كتاب طب النفوس
إن عليه صاحب كتاب سرور تدوير أخبار الأمم / الماضية ، والقرون الخالية ، وما وقع لهم ، وما أوجده الله في كل من عظيم قدرته ولطيف حكمته ما دل به على وحدانيته مما أظهره لعباده وفوقه لبلاده مما يبهر العقول ويحير المعقول. ولو لا ضبط العلماء ذلك قديما وحديثا (١) لبطل أول العلم وضاع آخره ، وكان الناس لا تعلم خبر من تقدمهم من العالم ولا شرائعهم ولا أحوالهم ، فالعلوم والتواريخ تستنبط ، والفصاحة منه تستفاد ، وأصحاب القياس عليها ، وأرباب المقالات بها يحتجبون الناس ، منها تؤخذ أمثال ، والحكماء توجد ، ومكارم الأخلاق ، ومعالم منها نقتبس ، وأدب سياسة المال والحرب منها يلتمس ، وكل غريبة منها تعرف ، وكل أعجوبة منها توصف ، يستمد به العالم والجاهل ، ويستعذب موارده الأحمق والعاقل ، ويستحسن به الخاص والعام ، وغيرهم من الفصحاء والأعجام وتبين به فضيلة علم الأخبار صحيحة فصيحة.
كما قال بعضهم :
لم يبق يوما لدينا ما نسر به |
|
إلا التواريخ فيها العلم والأدب |
تنبئك أخبار ما قد باد من أمم |
|
من الملوك عجاما كن أو عرب |
عجائب الأرض تنظرها إذا قرئت |
|
عليك أوصافها بالنعت في الكتب |
هي البساتين للجافي حدائقها |
|
من العلوم لصبّ بات مغترب |
والكتاب هو الذي يطيعك في الليل كطاعته لك في النهار ، ويعطيك في السفر ، ولا يخالفك في الحضر ، ووصف نفسه أنه علم بالقلم ، وكما أتى أيضا أنه ديوان الكرم.
قال بعضهم :
لما علمت بأني ليس ينصفني |
|
صحيح ولم أنال بهم ما رمت من إرب |
فصرت في البيت مسرورا بوقتهم |
|
خال من الإثم والفحشاء والنهب |
__________________
(١) في المخطوط : حديثهم ، وهو تحريف.