بئس ملوك المسلمين أن عجزوا عن هدم ما بنته الفرس ، فيكون نقصا فيهم. فلما ورد الجواب قال الرشيد : قاتله الله ، والله إنه لصادق غير أن العجز ينهانا عن ذلك.
وكان لكسرى مائدة من الزمرد قوائمها من الذهب مكتوب على حافتها باللؤلؤ الرطب حفرا وتنزيلا أهلني للطعام ما أكلته من حلّة وصرفت لذوي الحاجات من فضله وأما [ما](١) أكلته وأنت / تشتهيه فقد أكلته وأنت لا تشتهيه فقد أكلك.
خواتيمه :
كان له أربع خواتيم [خاتم](٢) للخراج : فصّه ياقوت أحمر يتقد كالنار ، مكتوب عليه : العدل عمارة الممالك.
وخاتم للضياع مكتوب عليه : عمارة الأرض كنوز الأموال ، فصه فيروزج.
وخاتم للمعونة : فصه ياقوت كحلي مكتوب عليه : ملازمة البنيان عمارة البلدان.
وخاتم للبريد : فصه ياقوت أحمر ، مكتوب عليه : أسرع السلوك في حوائج الملوك.
فكان يختم بكل واحد فيما هو متعلق [به](٣) من أمور المملكة كما تقدم.
خبر ناووس كسرى
لما أن أفضت الخلافة لعبد الله المأمون توجه بعد مدة لمدائن كسرى ليرى آثار ملوك الفرس ، فرأى قبة عظيمة البناء ، أحجارها من فاخر الرخام الساموري الذي يفاخر البلور حسنا ، وفي وسط القبة ناووس من مرمر فسأل عن ذلك فقيل : هو قبر كسرى ، فأمر بفتحه فإذا هو فيه مدهون بالأطلية المانعة لبلاء الأجساد كأنما نائم ، وعليه من الحلل المنسوجة بالذهب ما لا يعرف له قيمة ، وعلى صدره سيف قبضته من الزمرد وجفيره مرصع بمعادن لا تعرف لها قيمة ، وفي إصبعه خاتم من ياقوت أحمر لا تعرف له قيمة مكتوب عليه بالفارسي : ... (٤) معناه بالعربية : ليس الأكبر أجود إنما الأجود أكبر. فأمر المأمون أن يغطى عليه بملاءة مذهبة وغلق ناووسه وأحكم لزاقه ، ولم يأخذ مما عليه شيء.
فلما عاد لبغداد ، بلغه أن من خدمه من سرق الخاتم من أصبعه حين غطاه
__________________
(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.
(٢) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.
(٣) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.
(٤) موضع النقط كلام بالفارسية غير واضح لأنه كتب بالحمرة فلم أتبينه.