يذهبون فلا تأتيهم النوبة إلى يوم القيامة ، وإنهم يعمرون سبعة آلاف سنة ما دونها ، ويأكلون ويشربون وينكحون ، وفيهم حكم كثيرة ، ولهم خلق عظيم تامة ، وأن هاتين المدينتين خارجتين عن هذا العالم ، لا يرون شمسا ولا قمرا ، ولا يعرفون إبليس اللعين ولا آدم عليهالسلام ، يعبدون الله تعالى ويوحدونه ، ولهم نور من نور العرش يهتدون به من غير شمس ولا قمر. ويروى أن رسول الله قال : «مرّ بي جبريل عليهم ليلة أسري بي فدعوتهم إلى الله تعالى فأجابوا فمحسنهم مع محسنكم ، ومسيئهم مع مسيئكم» (١).
وروى وهب بن منبه رضياللهعنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم الدنيا منها عالم واحد ، وما العمران والخراب إلا كخردلة في كف أحدكم» (١).
وقال بعض أهل الأثر فيما رووه : إن لله عزوجل دابة في مرج من مروجه ، والمرج في غامض علمه ، رزقها في كل يوم مثل العالم بأسره ، جلت عظمته وقدرته لا إله إلا هو (١).
ذكر بحر المحيط وما فيه من العجائب
يقال : إن فيه عرش إبليس يحمله نفر من الأبالسة والعفاريت العظام وتحيط به طائفة ممن هم في طاعته ، فمنهم من يحجبه فلا يفارقه ، ومنهم من يتصرف عن أمره ولا يزول / عن مرتبته ، إلّا لمن يطمع في فتنته ، ومنهم من يسعى إلى غوغاء الناس فيضلونهم.
وللشياطين سجن في جزيرة منه يحبس فيها من خالفه من مردته.
وفي جزيرة من جزائر هذا البحر قصر عجيب فيه هيكل سليمان عليهالسلام ، وفيه جسده ، وفيه في البحر أماكن لا تزال ترمي نارا على طول الزمان يرتفع مائة ذراع.
وفيه أسماك طول الحوت منها أيام ، وفيه صور عجيبة مختلفة الأشكال ، مشوهات الخلقة ، على كل لون من الألوان.
وفيه مدائن يطوفون على الماء ، وأهل هذه المدن غير الآدميين.
وفيه الثلاثة أصنام التي صنعها أبرهة ذو المنار قائمة على الماء ، أحدها : أصفر يومي بيده ، كأنه يخاطب من ركب البحر ويأمره بالرجوع من ذلك البحر.
والصنم الثاني : أخضر رافع يديه باسطهما كأنه يقول : إلى أين تذهبون؟
والصنم الثالث : أصفر مفلفل الشعر يومي بإصبعه إلى البحر [وكأنه يقول] : من جاز من هنا غرق. مكتوب على صدره بالمسند هذا ما صنع أبرهة ذو المنار الحميري.
__________________
(١) هذه أخبار لم تثبت صحتها في كتب السنة المعتبرة.