وصار الناس يأكلون أولادهم ، ولا ينكر أحد على أحد ، وأكلوا الكلاب والدواب والميتات حتى لم يجدوا بمصر كلاب ولا دواب ، ثم صاروا يحتالون بعضهم على بعض ، فالقوي يأكل الضعيف وفقد كثير من الأطباء ... (١) يأخذوهم لمداواة المريض ، ولا ثمّ مريض ، فحين يدخل الدار أكلوه ، وأعقب ذلك فناء عظيم.
كفن الملك العادل من ماله في مدة يسيرة ثلاثمائة طريح. فسبحان من قضى في خلقه بما أراد ، لا يسأل عما يفعل.
وقع بمبا فار غبن (٢)
غلاء عظيم لم يسمع بمثله ، بيع فيه / ملوك القمح بقدره بالكيل المصري دون الأردبين بأربعمائة وتسعين دينارا ، ورطل الخبز بستة عشر دينارا ، واللحم بيع رطله باثني عشر دينارا ، ورطل العسل باثني عشر دينارا ، والبصل بدينار وربع الرطل ، وبيع كلب بخمس دنانير ، وبيع رأسه بدينار. وكانت الكلاب والدواب عدموا من قبل ذلك ، فمنهم عدم بالموت ومنهم عدم بالأكل أكلها الناس. وبيعت بقرة بسبعين ألف اشترى (٣) نجم الدين رأسها ورجليها بستة آلاف ثم أعقبه فناء عظيم.
وفي أيام الطائع لله :
سنة ست وتسعين وثلاثمائة اشتد الغلاء ببغداد ، وكثر الموت بها ، ولحق الناس بالبصرة حرّ عظيم ، وسموم (٤) مات منه خلق كثير.
وجاء في بغداد حرّ عظيم ، وريح شديد حتى نشف ماء دجلة ، وبانت (٥) أرضها.
واشتدت (٦) الريح حتى حمل الزورق منحدر قبل النشوفة ، وفيه أناس ودواب رمته في أرض جوجى ، وهي أرض بعيدة عن بغداد ، وشوهد بعد أيام بتلك الأرض ملقى وأهله موتى.
وفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة :
جاءت ببغداد ريح سوداء واشتدت وعظم برقها ، وزاد رعدها ، وأمطرت السماء رملا وترابا أسود ، ووقعت عدة صواعق ، حتى ظن الناس أنها القيامة ، وبقيت يومها إلى
__________________
(١) موضع النقط كلمة هذا رسمها : (البحر ايجة).
(٢) هذا العنوان كذا هو في المخطوط وهو واضح وضوح ضعيف يقرأ بما رسمت والله أعلم.
(٣) في المخطوط : اشتراها ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : وسمو ، بدون الميم بآخره وهو سقط من المخطوط فأثبته.
(٥) في المخطوط : بان ، وهو تحريف.
(٦) في المخطوط : اشتداد ، وهو تحريف.