نبذة عن قوم كانوا متهومين في الأكل
من ذلك ما رواه المسعودي : أن سليمان بن عبد الملك بن مروان كان راتب أكله في كل يوم مائة رطل خبز بالرطل الشامي لنفسه.
وفي بعض الأيام يأكل في يومه أكثر من ذلك ، وربما طلب الأكل قبل حضور السماط ، فيأتيه الطباخون بالدجاج المشوي في السفود فلا يصبر حتى يضعوه في الصحون ، فيدخل يده في تكه ويمسك السفود بكمه ويأكل ما عليه. وكان يلبس أحسن الثياب وأفخرها.
قال الأصمعي : لما وصلت أموال بني أمية وذخائرهم لبني العباس فاستعرض الرشيد حين أفضت إليه الخلافة الحواصل ، فلما عرضت عليه أثواب سليمان / بن عبد الملك رأى قماشا فاخرا لم ير مثله لأحد من خلفاء بني أمية ، ورأى ما في أكمامه من لواث الدهن من ذلك. فأحضر الأصمعي وسأله عن ذلك ، فأخبره ما تقدم من أكله فعجب لذلك.
وقال للأصمعي : أخبرني بشيء تعرفه عن ذلك عادة أهله.
قال : يا أمير [المؤمنين](١) أخبرك أنه خرج من الحمام يوما ، وأمر أن يقدم له شيء من الشواء قبل استواء سماطه وحضور طعامه. فقدموا له عشرين خروفا مشويا ، فأكلها مع أربعين رغيفا. ثم جاء السماط ، فأكل منه أكل من لم يكن أكل قبل شيئا ، وحكى الشمردل (٢) قال : لما قدم سليمان الطائف ، ومعه عمر بن عبد العزيز وابنه أيوب ، فدخلوا بستانا هناك فلما جلس قال : ويلك يا شمردل ، أنا جائع ، أعندك ما نأكل؟
فقلت : نعم ، عندي جدي سمين كان يرضع على بقرتين ، وقد شويته ، واستوى.
فقال : أئتني به. فلما حضر أكل ولم يدع ولده ولا عمر بن عبد العزيز حتى بقي (٣) فخذ واحد فقال لعمر : هلم أبا حفص.
فقال : إني صائم. فأكله ولم يرد عليه.
ثم قال : ويلك ، أعندك غير هذا؟
فقلت : نعم. فأتيته بسبع دجاجات هنديات مشويات في غاية السمن ، فأكلهن.
__________________
(١) ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.
(٢) جاء بعد هذا الاسم عبارة : أكل عمرو بن العاص ، وهي زائدة على السياق فحذفتها.
(٣) في المخطوط : نفى ، وهو تحريف.