شكوى ووصية
كتب رجل إلى (١) صديق له حكيما يشكو إليه ريب زمانه ، وضيق حاله ، ويسأله رأيه ، فرد له الجواب [فقال](٢) : اعلم يا أخي إنما الناس بين رجلين : فواحد قدّمه سعده ، وآخر أخره حظه.
فارضى بالحالة التي أنت عليها وإن كانت دون قدرك وأملك اختيارا منك ورضا وإن لم ترض اختيارا رضيت غصبا كارها غير مأجور.
ومن كلام أهل الفضل :
الناس على دين ملوكهم في الخير والشر. قال أبو حازم : الملك كالسوق مهما نفق فيه جلب إليه.
قيل : / ولما ظفر عمر بن الخطاب بتاج كسرى وسواريه قال : إن الذي أدى هذا لأمين.
فقال له رجل : يا أمير [المؤمنين] ، أنت أمين الله يؤدون إليك ما أديت إلى الله ، فإن رتعت رتعوا.
قيل :
ودخل مروان بن الحكم صنيعة له ، فأنكر شيئا من عامله (٣) عليها ووكيله.
فقال له : إني لأظنك تخونني؟
فقال له : أتظن ذلك ولا تستيقنه؟
قال : أو تفعل؟
قال : نعم والله إني لأخونك وإنك لتخون أمير [المؤمنين] وأن أمير [المؤمنين] ليخون الله ورسوله ، فلعنة الله على أشر الثلاثة منا ، ثم أنشده ارتجالا :
إن الخيانة بعضها من بعضها |
|
والناس فيها خائن للخائن |
وكذا الأمانة بعضها من بعضها |
|
بت في أمان إن دعيت بآمن |
وفي السر وكتمانه :
قال بعضهم : في كتمان السر نفع عظيم ، وحصن منيع ، فكل ما كتمته عن عدوك فلا تظهر عليه صديقك.
__________________
(١) في المخطوط : لي ، وهو تحريف.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة يتطلبها السياق.
(٣) في المخطوط : عالمه ، وهو تحريف.