هلا برزت إلى العدا يوم الرغا |
|
بل كان قلبك في جناح الطائر |
وغد لئيم من قبيلة مثله |
|
فظ غليظ في القضايا حائر |
اذهب ورح من حيث جئت فإنني |
|
أكره كلامك أو أراك بناظري |
ثم قالت : أخرجوه عني.
فلما دخل على أمير [المؤمنين] قال : ما كنت فيه يا أبا محمد؟
فقال : والله يا أمير [المؤمنين] ما سكتت حتى كان بطن الأرض أحب إليّ من ظهرها.
فضحك أمير [المؤمنين] وقال : ألم تعلم أنها ابنة عبد العزيز ولها من الشهامة رأسا؟!.
[شفاعة أبي حنيفة رحمهالله في جاره](١)
وما هو منقول من تاريخ بغداد : أن أبا حنيفة كان له جارا إسكافيا (٢) ، وكان يعمل نهاره فإذا رجع إلى منزله تعشى ثم يضع الخمر بين يديه فلا يزال يشرب فإذا أدب فيه الشراب يغني بيتا ولا يزيد عليه شيئا وهو :
أضاعوني وأي فتى أضاعوا |
|
ليوم كريهة وسداد ثغر |
ولا يزال يشرب ويردد هذا البيت حتى ينام ، وأبو حنيفة يسمع جلبته كل ليلة لأنه كان يصلي الليل كله. وصلّى الصبح بوضوء العشاء منذ أربعين سنة. ففقد صوته ، فسأل عنه.
فقيل : أخذه العسس وهو مسجون منذ ليال ، فلما صلى أبو حنيفة الفجر ركب بغلته وأتى دار الأمير ، فاستأذن فأذن له وأمرهم أن لا يدعوه ينزل عن بغلته حتى يطأ البساط.
فلما دخل عظمه الأمير وأجلسه وقال : ما حاجتك؟
فقال : اشفع في جار لي.
فأمر الأمير بإطلاقه وإطلاق من كان مسك تلك الليلة وإلى هذا اليوم فأطلقوهم إكراما له ففعلوا.
فركب أبو حنيفة وخرج والإسكافي خلفه.
__________________
(١) ما بين المعقوفين زيادة تصنيفية من عمل المحقق غفر الله له آمين.
(٢) في المخطوط : أسكافيها ، وهو تحريف.