ومن الجار السوء : إن رأى (١) حسنة سترها ، وإن رأى (٢) سيئة نشرها وذكرها.
ومن المرأة السوء : إن غاب زوجها خانت وإن حضر أساءت عشرته وأهانته.
ومما وقع للمتوكل مع جاريته محبوبة :
كانت من أحس أهل زمانها وجها وأجودهم غناءا وشعرا. فكان يوما جالسا في مقام أنسه ، وإذا بعلي بن الجهم قد دخل عليه ، فقال له أمير [المؤمنين] : دخلت اليوم على محبوبة فرأيتها قد كتبت اسمي بالمسك على صدرها ، فما رأيت أحسن من ذلك السواد على ذلك البياض ، فقل في ذلك شعرا.
قال : فذهبت لأقول ، فارتج عليّ وسمعت محبوبة المقال من وراء الستار فطلبت الدواة وكتبت لساعتها تقول :
وكاتبة في الصدر بالمسك جعفرا |
|
بروحي فديت المسك من حيث أثرا |
لأن كتبت في الصدر سطرا بكفها |
|
لقد أودعت قلبي من الحب أسطرا |
فيا من لمملوك بملك يمينه |
|
مطيعا له فيما أسر وأجهرا |
يا من منامها في سريرة جعفر |
|
رعا الله قلبا ساكنا فيه جعفرا |
قال علي بن الجهم : لما وقعت عليّ هذه الأبيات فنعوت على نفسي جودة قريحتها.
فأمر أمير [المؤمنين] جعفر المتوكل بإنفاذ الشعر لغريب لتصوغ له لحنا ، وأمر أن لا يغنى ذلك اليوم إلّا به ، وأنعم عليها وأجزل عطايا ندماءه ذلك اليوم فوق عادتهم.
ومما وقع / لعيسى مع بنت أبي العائشي المعتصم أخت جعفر المتوكل :
قال : كان عيسى يهوى جارية من جواري الست عائشة أخت جعفر المتوكل ، وكانت بارعة الجمال ، كريمة في النوال ، لها الشعر الرقيق التي فاقت به على شعراء أهل زمانها. فلما بلغها ذلك قالت : والله لو استوهبها مني لوهبته إياها.
فبلغ ذلك عيسى فكتب يقول :
يا بنت عم الهاشمي المرسل |
|
أخت الخليفة جعفر المتوكل |
بالله إلّا جدت لي بحبيبتي |
|
في سرعة قبل الصباح المقبل |
ومري رفيقتها تغمض عينها |
|
عني وعنها ساعة وتفضلي |
__________________
(١) في المخطوط : وا ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : وا ، وهو تحريف.