عظيمة وعيش هانىء ، وإن كنت عند السلطان مكرما فإني مشارك في النعمة ولست راض بذلك ، فتحيل في استعادتي منه أو اعطني إذنا حتى أحتال في زيارتك ولا بد من ذلك.
ثم بعث بالورقة مع صبي صغير وأوصاه أن يقول له : هذه من المملوك فلان.
فلما وصلت للوزير وقرأها / أحسّ بالبلاء ، وعلم أنها حيلة عليه ، وأن ذلك من حاسد تكلم فيه ، فكتب على ظهرها :
أمن بعد إحكام التجارة ينبغي |
|
لمثلي وقوع الروح في غابة الأسد |
وما أنا ممن يغلب الحب عقله |
|
ولا جاهل قول الأعادي ذوي الحسد |
فلو روحي كنت قد وهبتك طائعا |
|
فكيف ترد الروح إن فارقت الجسد |
وإني لعبد الذي أنت عبده |
|
وأنت حرام ما حييت إلى الأبد |
قال : فلما وقف الملك الناصر على الجواب عجب من فطنته ، ونكل بمن تكلم فيه ، وعظمت مكانته عنده.
ومما وقع للأمير محمد الأمين
وذلك أنه أرق ذات ليلة أرقا شديدا فوقع في نفسه أن يدخل مقاصير الحظايا ، ففعل ذلك ، فوصل إلى حجرة منها فدخلها ، فإذا فيها جارية صغيرة ليس في حظاياه مثلها ، فأعجبته وهي نائمة.
فلمسها من رجلها ليوقظها من نومها ، فانتبهت فلما رأته قامت قائمة له وقالت : يا أمين الله ما هذا الخبر؟
فأجابها :
هو ضيف طارق في أرضكم |
|
هل تضيفوه إلى وقت السحر؟ |
فأجابته :
بسرور سيدي أخدم الضيف |
|
ثم بروحي وسمعي والبصر |
قال : فنام عندها تلك الليلة. فلما أصبح قال : من بالباب من الندماء؟
فقيل : أبو نواس.
[فقال](١) : ائذنوا له (٢).
فأذنوا له ، فدخل ، فلما جلس قال له الأمير : أجز مقال من قال : يا أمين الله ما هذا الخبر
__________________
(١) يتطلبه السياق.
(٢) في المخطوط : لنا ، وهو تحريف.