فأكلت من الشجرة وشربت من الماء ، وجلست هناك إلى الليل ، وإذا بصوت عظيم مثل الرعد في الشدة ، وهو يقول : لا إله إلا الله الملك الجبار ، والواحد القهار ، محمد المصطفى المختار ، عليّ المرتضى قاصم الكفار ، أصحاب محمد المختار.
ثم ذهب ، فلما كان نصف الليل ، عاد الكلام ، ثم أعاده في السحرّ ، فلما طلعت الشمس إذا بصوت جارية لم تر عيني قط أحسن منها وجها ولا أطول شعرا ، وهي تقول : لا إله إلا الله الملك المجيب ، محمد المصطفى الحبيب.
ثم خرجت من الماء إلى الجزيرة ، فإذا رأسها كرأس بني آدم ، ووجهها وعنقها عنق نعامة ، ويديها يدي سمكة ، وساقاها كساق ثور.
فلما رأتني أقبلت عليّ وقالت لي : ما دينك؟
فقلت : دين النصرانية.
فقالت : ثكلتك أمك ، أسلم فإنك حللت بجوار قوم صالحين.
فأسلمت ، ثم سألتها عن الثلاث أصوات التي سمعتها.
فقالت : ذلك ملك / المياه أمر أن يقول ما سمعته كل ليلة ثلاث مرات ، فقلت : والكلام الذي سمعته ما هو؟
فقالت : نحن من خلق الله أمرنا ما سمعنا.
قلت : وفي البحر خلق مثلك؟
قالت : إن في البحر ألف أمة لا يحصي عددهم إلا الله سبحانه وتعالى. فسألتها العود إلى أهلي.
فقالت : إذا مرّ مركب حبسناه حتى يحملوك فما هو إلا أن مرّ مركب ، فحبس والريح عظيمة وعجبوا ، فلما رأوني أتوا إليّ وحملوني ، فحدثتهم حديثي ، وما وقع لي ، وكان في المركب عشرة من النصارى أسلموا على يدي ، فهذا سبب إسلامي.
ومما نقل من شرح الرسالة
قال الطرطوس في شرح الرسالة : إن المصران للإنسان طوله ثمانية عشر شبرا ، فثلث للأكل ، وثلث للشرب ، وثلث (١) للنفس.
وفي الحديث :
أنه أتي للنبي صلىاللهعليهوسلم بعبد يشتريه فوضعوا له طعاما ، فأكله جميعه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم :
__________________
(١) في المخطوط : ثلاث ، وهو تحريف.