وإن لم تعجب الملك هديته ولا وقعت منه موقع القبول وردها عليه ، ورجعت قيمتها إلى الخسة كالدراهم أو الدانق ، وموجب ردها / كون صاحبها عرضها على غيره ولا قبل أن يقدمها له ، فكانت نفسه لخفاها خسيسة لعرضها على الناس.
وهكذا شأن العبادة التي يدخلها الرياء مردودة غير مقبولة.
فيا لله العجب من عابد يعرض عبادته على الناس ليحصل له شكر بغير عوض ، ويرد عليه عمله ، ويضرب (١) به وجهه كما قال تعالى : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) [الكهف : ١١٠]. فإياك والرياء في العبادة فإنه عمل بغير أجر ولا أجرة ، ومقت الله وغضبه زيادة على ذلك.
عن عطاء السلمي :
أنه قال : لو أن نارا أوقدت وقيل لي : إلق نفسك فيها ، فأصير لا شيء ولا تجمعني القيامة لمت من فرحي قبل وصولي إليها ، خوفا من العرض على الله سبحانه والوقوف بين يديه.
وقال أيضا :
إني لا أغبط نبيا مرسلا ، ولا ملكا مقربا ، ولا عبدا صالحا ليس أنهم يحضرون القيامة ويجاء بهم إليها ، إنما أغبط من لم يخلق ، كما قال عمر بن الخطاب : ليت أم عمر لم تلد عمرا.
ما قيل في الغيبة وشؤمها :
اعلم أن مثل الذي يغتاب الناس كمثل رجل نصب منجنيقا فهو يرمي به حسناته يمينا وشمالا.
وقال شخص للحسن : إن فلانا يغتابك ، فبعث إليه بطبق فيه رطب ، وقال : بلغني أنك أهديت لي حسناتك فأحببت أن أكافئك عليها.
ونظر بعض الصالحين رجلا يكثر كلامه في اللغو فقال له : أمسك لسانك ، إنما أنت كاتب مقالك في كتاب إلى ربك بخط شاهدي عدل وهم أحفظ عليك فيقرأ ما فيه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة.
ما قيل في التوبة :
لعل قائل يقول : ما يمنعني من التوبة / إلا لعلمي من نفسي أني أعود إلى الذنب ، فلا فائدة فيها.
__________________
(١) في المخطوط : يظرب ، وهو تحريف.