وبقايا نسر كلما انقضت |
|
أيامه عاد إلى نسر |
وقال النابغة :
أضحت خلا وأضحى أهلها احتملوا |
|
أخنى عليها الذي أخنى على لبد |
/ خبر اليمامة
وهو صاحب الجو ، وكانت أمها كاهنة ، وكان لها رأي ، وكانت من جديس ، وطسم ، وجديا ، وكانوا بمكان واحد ، فتغلبت طسم على جديس ، وملك الجميع الأسود ابن عقار الطسمي وكان فاسقا يتقزع النساء قبل أزواجهن ، فاحتال عليه جديس فقتلوه ، وقتلوا كثيرا من طسم ، فاستنصرت بقايا طسم بحسان بن تبع الحميري ، فغزا جديسا طالبا لأخذ ثأر طسم ، وكانت اليمامة امرأة زرقاء العين ، وعينها الواحدة أكبر من الأخرى إذا أغمضت الكبرى رأت بالصغرى على الفراسخ والأمد البعيد.
وقيل : إنها كانت ترى فلك القمر فتخبر عنه بأشياء عجيبة ، وكان اتصل بجديس انتصار طسم بحسان ، فقالوا لليمامة : انظري لنا ، فنظرت ثم قالت : أقسم بمهب الريح والأكام والبطاح والمساء والصباح ليأتين من حمير الجيش الرداح ، فلا ترون بعدها الفلاح ، فكذبوها ، وانتهروها ، فلما قرب حسان ومن معه قالوا : إن اليمامة فيهم وستخبرهم بأمرك ، فقال لأصحابه : ليحملن كل واحد منكم غصن من شجرة ، فقالت (١) : أتتكن الشجر تخبط المدر ، فاستعملوا منها بحذر ، فقالوا لها في اليوم الثاني ، قالت : أرى رجلا في كفيه كتف (٢) أو يخصف نعلا ، وكان حسان يكن نهارا ويسير نهارا ، ففاجأهم فقتلهم وهدم منازلهم ، وقال لليمامة : هلّا عرفتيهم بمسيري؟ قالت : قد فعلت لو قبلوا ، فقتلها فاعوّر ومنع من النوم ، وفيها قالت الشعراء منهم كثيرا الأعشى :
بانت فامسكي حبلها انقطعا |
|
ما خطرت ذات أشغار كنظرتها |
حقا كما صدق الربعي إذ سجعا
قالت : أرى في كفه كتف (٣) أو |
|
يخصف النعل لهفي آية صنعا |
فكذبوها بما قالت فصبحهم |
|
ذو آل حسان يرجى الموت والسرعا |
فاستنزلوا آل جدس (٤) من منازلهم |
|
وقد هدموا شاخص البنيان فاتضعا |
__________________
(١) في المخطوط : فقال ، وهو تحريف ظاهر.
(٢) في المخطوط : ليف ، وهو تحريف ، وراجع كتاب «موسوعة الأمثال العربية والعامية» تأليفي.
(٣) في المخطوط : ليف ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : جو ، والتصويب من هامشه والقصة ذكرتها في تحقيقي لكتاب «أسماء المغتالين من الأشراق في الجاهلية والإسلام» لمحمد بن حبيب.