وكان صادقا فيما يدعيه خاض تلك النار ، وإن كان كاذبا مبطلا أحرقته النار.
وكانت تتصور في صور شتى كيف أرادت ، وبنت لها قصرا احتجبت فيه عن الناس ، وجعلت في ذلك القصر أنابيب من نحاس / ظاهرة مجوفة وكتبت على كل أنبوب فنا من الفنون فيأتي الذي يحتكم إليها إلى ذلك الأنبوب المكتوب عليه ذلك الفن ويتكلم عليه بكلام خفي ما يريده ، ويجعل أذنه في ذلك الأنبوب فيأتيه منه الجواب الذي يريده.
فلم يزل ذلك القصر حتى أخربه بخت نصّر وهذا من العجائب.
من الغرائب والعجائب عرناق بن عنقاطر الكاهن :
وهذا تكهن بعد أبيه وعمل من العجائب شيئا كثيرا منها : شجرة من الصفر أغصانها من الحديد وبخطاطيف حادة إذا تقرب إليها الظالم أو الكاذب فرت إليه تلك الخطاطيف فتعلق به فتشق بدنه فلا تفارقه أو يرجع إلى الحق ويعترف بالظلم فيخرج من ظلامة ظلمه. وعمل صنما من صوّان أسود وسماه عبد قرويس ـ أي رجل ـ فكانوا يحتكمون إليه فمن زاغ عن الحق ثبت مكانه حتى ينصف عن نفسه ، ولو قام سنة ، والذي له ضرورة منهم يبخر ذلك الصنم ليلا وينظر إلى الكواكب ويذكره عرناق فيجد طلبته صباحا على باب منزله ، وربما غضب على أحد ، فيجعل ماءهم لا يشرب وسلط عليهم الوحوش والهوام.
عجائب البلدان وغرائبها
قال المؤلف : خلف أصين الصين أمم كثيرة منهم عراة وأمم يلتحفون بشعورهم ، وزعر لا شعر لهم ، وشقر الشعور حمر الوجوه ، وأمم إذا طلعت الشمس عليهم هربوا إلى مغارات لهم يأوون إليها من حرها ، فإذا دارت الشمس إلى الجانب الغربي خرجوا يأكلون نباتا يشبه الكمأة ، ويأكلون خشاش الأرض ، ويجاورهم من ناحية الشمال أمم شقر عراة يتناكحون نكاح البهائم يجتمع على المرأة الواحدة جماعة فلا يمنعهم أحد.
ومن عجائب البرجان من ولد يونان بن ياقوت :
مملكتهم كبيرة متسعة ، وهم يحاربون الروم ، والصقالبة ، والترك ، ومملكة برجان عشرون يوما في ثلاثين يوما وعليها / سياج من خشب. وقراها دون السياج ، وأهلها مجوس ليس لهم كتاب ، ودوابهم معدة للحرب ، وهي ترتع في برج لهم لا تركب إلا وقت المحاربة ، ومن ركبها في غير وقت المحاربة قتلوه ، ويصطفوا في المحاربة صفوفا ، فأصحاب النشاب أول ، ومن ورائهم أصحاب الحراب ، ثم أصحاب السيوف ، فمن رجع عن وظيفته قتلوه ، وليس لأهل برجان ذهب ولا فضة ، وإنما بيعهم وشراؤهم بالبقر والغنم ، وإذا وقع بينهم وبين الروم الصلح ، أدت لأهل الروم الخراج ، وخراجهم