فقام الريان وأصحابه فتبعوه ، فأراهم أرضا في سفح جبل لهم ينبت الذهب ، ثم خرج بهم إلى واد لهم في حافتيه حجارة الزبرجد ، والفيروزج.
فأدهشه ما رآه وتعجب من هذه البلدة وما شاهده فيها ، وازداد إعجابا لرغبتهم عنها ، وزهدهم لما فيها ، فلما أراد أن يفارقهم أمر بعض أصحابه أن يحملوا شيئا من حجارتها من الزبرجد ، والفيروزج ، وسأل ذلك الحكيم ، فأرشده إلى الطريق.
فلما يزل سائرا من أمة إلى أمة حتى بلغ بلاد النوبة فصالحوه على مال حملوه له.
ثم دخل مقيلة ، فأقام بها علما فزبر عليه خروجه من مصر وبلوغه إلى هذه الأماكن.
ثم أنه رجع إلى منف ، فكان لا يمر ببلد من بلاد مصر إلا ويلقونه بالفرح ويهنئوه بالسلامة ، فلما دخل منف لم يبق أحد من أهلها إلا تلقاه مع العزيز بأصناف الطيب والرياحين والمجمرات والهدايا والتحف وكان العزيز قد بنى للملك مجلسا من الزجاج الملون ، وفرشه بالفراش المذهب ، وغرس حوله أصناف / الرياحين وجعل فيها صهريجا من زجاج سماوي ، وجعل في أرضه سبه السمك من زجاج أبيض ، وأقام الناس حوله أياما يأكلون ويشربون.
ورأى ما ههيىء له من التحف التي قدمت إليه فشكره العزيز على حسن صنيعه ، ثم استقر على سرير ملكه وعرض جيشه الذي كان معه فوجده قد نفذ منه سبعين ألفا.
وقد كان خرج من مصر في ألف ألف ووجد من انتمى إليه من العربان نيفا وخمسين ألفا. وكان مسيره وغيبته إحدى عشر سنة ، فلما سمع الملوك بذكره وما بلغ من أمره في مسيره وطاعة الأمم له خافوا من شدة سطوته وسلطانه ، وقد زاد تجبره وقرب أجله. وبنى بالجانب قصورا من رخام ونصب عليها أعلاما ، فكان ينزلها ويقيم بها الأيام الكثيرة.
وبلغ الخراج في وقته : سبع وتسعين ألف ألف مثقال ، فأحب أن يجعله مائة ألف ألف مثقال فأمر بالعمارة وإصلاح الجسور والزيادة في استنباط الأرض فبلغ الخراج الذي أراد وزاد.
قصة يوسف عليهالسلام مع الملك
ذكر القبط ، وأهل التاريخ قالوا : وأدخل إلى المدينة أي البلد غلام من أهل الشام قد احتال عليه إخوته وباعوه ، وكانت قوافل الشام تعرس بناحية الموقف اليوم ، فأوقفت الغلام ـ وهو يوسف عليهالسلام ـ ونودي (١) عليه فبلغ وزنه في بيعته الثانية ذهبا وورقا ،
__________________
(١) في المخطوط : نورى ، وهو تحريف.