الجزء الثالث
ذكر الملوك بعد ذلك
قال : وهم الملوك الجبابرة ، والعتاة الأكاسرة ، الذين أقاموا الأعلام والدّخر ، والكنوز ، وصنعوا التماثيل العجيبة الناطقة ، وأثاروا المعادن ووضعوا / الطلسمات المانعة ، وصوروا التصاوير الرادعة ، وتغلبوا على من ناوأهم من الملوك ـ أي ملوك الأرض ـ وقهروا واستيسروا ، والله أعلم.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
ذكر الملوك بعد الطوفان (١)
قال صاحب التاريخ : لما قسم نوح عليهالسلام الأرض بين بنيه ، جعل لولد سام عليهالسلام : وسط الأرض الحرم وما حوله ، واليمن إلى حضرموت إلى عمان ، والبحرين إلى عالج ، وبيرين ووباد ، والدو ، والدهناء إلى الساحل ، وطرف بلد الهند.
وكان هذا كله قرى عامرة ، وحصونا وقصورا وبساتين متصل بعضها ببعض إلى أن أهلك الله تعالى قوم هود ، ففسد الكثير منه.
وجعل الله تعالى في ولد سام النبوة والبركة وجعلها لحوم بعض الشام ومصر إلى أعالي النيل إلى النوبة ، والبجّة ، وأصناف بلد السودان إلى البحر الأخضر مع الحبشة والسند والهند ، والزط ، والبند.
وقسم ليافث : الترك والصين ، ونواحي يأجوج ومأجوج ، والصقالبة والروم ، والإفرنجة ، والأنفرده ، والأندلس إلى البحر الأكبر وسواحله.
وجعل لولد بحطون : من الصين إلى الشجر إلى نواحي بلاد اليمن ، ثم انبسطوا إلى نواحي بابل. وكثروا ، وبارك الله فيهم حتى صاروا نيفا وسبعين ألف بيت يشتمل كل بيت منهم على خلق كثير إلى أن ضرب إبليس بينهم ، فكانت البلبلة ، فافترقوا ، فكان أول ملك ملك منهم :
__________________
(١) في المخطوط : الطوائف ، وهو تحريف.