ابن معدان ، نا الحسن بن جهور ، حدّثني أبو مسعود القتات ، عن ابن داب (١) قال (٢) :
كان لعبد الله بن جعفر بن معاوية ألف ألف في كل عام ، ومائة حاجة ، يختم معاوية على أصل الأديم ثم يقول : اكتب يا بن جعفر ما بدا لك ، فقضى عاما حوائجه وبقيت حاجة لأهل الحجاز ، وقدم أصبهبذ سجستان يطلب إلى معاوية أن يملّكه سجستان ، ويعطي من قضاء حاجته ألف ألف درهم ، وعند معاوية يومئذ وفد العراق : الأحنف بن قيس ، والمنذر بن الجارود ، ومالك بن مسمع ، فأتاهم الأصبهبذ فقال له الأحنف : أيسرّك أن نغرّك؟ قال : لا ، قال : فإنا لسنا بأصحابك ، ولكنت ائت عبد الله بن جعفر ، فإن كان بقي له شيء من حوائجه جعله لك ، فأتى ابن جعفر فذكر له حاجته ، فقال : بقيت لي حاجة كانت لغيرك ، فأمّا إذ قصدتني فهي لك ، ودخل ابن جعفر على معاوية يودّعه ، فقال : بقيت لي حاجة كنت جعلتها لأهل الحجاز ، فعرض فيها أصبهبذ سجستان ، فأنا أحب أن تملّكه ، فقال معاوية : إنه يعطى على حاجته هذه ألف ألف درهم ، فقال ابن جعفر : فذاك أحرى أن تقضيها ، فقال معاوية : قد قضيت حاجتك ، يا سعد (٣) ، اكتب له عهده على سجستان ، فكتب له عهده (٤) ، فأخذه ابن جعفر والدهقان على الباب ينتظر ابن جعفر ، فخرج ، فأعطاه العهد ، فحمل الأصبهبذ إليه (٥) من غد ألف ألف درهم وسجد له ، فقال له ابن جعفر : اسجد لله عزوجل ، واحمل هذا المال إلى رحلك ، فإنّا أهل بيت لا نبيع (٦) المعروف بالمنّ ، فبلغ معاوية ، فقال : لأن يكون يزيد قالها أحبّ إليّ من خراج العراق ، أبت بنو هاشم إلّا كرما ، فقال ابن الزبير الأسدي :
تواكل حاجة الدهقان قوّم |
|
هم الشفعاء من أهل العراق |
الأحنف وابن مسمع والمنادى |
|
به حين النفوس لدى التراقي |
وكان المنذر المأمول منهم |
|
وليس الدلو إلّا بالعراقي (٧) |
وقد أعطي عليها ألف ألف |
|
بنجح قضائها قبل الفراق |
__________________
(١) تحرفت في م إلى : دار.
(٢) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٨ / ١٤٦.
(٣) أحد كتاب معاوية ، أو حاجبه ، وفي.
(٤) في البداية والنهاية : وأمر الكاتب ، فكتب له عهده.
(٥) من قوله : ينتظر ... إلى هنا مكانه بياض في «ز» ، وم.
(٦) بالأصل ود ، و «ز» ، وم : «نتبع» والمثبت عن البداية والنهاية.
(٧) بالأصل وبقية النسخ : «بالعراق» والصواب ما أثبت ، والعراقي جمع عرقوة ، وللدلو عرقوتان وهما خشبتان يعرضان عليه كالصليب (راجع تاج العروس : عرق).