ولتراجع خطبة أبي طالب «رحمه الله» حين موته ، والتي يخاطب بها قريشا ، فإنها خطبة جليلة ، لا تبتعد عن هذه الخطبة في مراميها وأهدافها.
ودين شائع :
ويتساءل بعض المحققين هنا : أنه كيف يمكن الجمع بين قوله : «ودين شائع» ، وبين قوله تعالى : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ)(١) ، وقوله : (وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ)(٢).
وجوابه :
أولا : قد يقال : إن الآيات ربما تكون ناظرة إلى المراحل الأولى من حياة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» فهو لم يكن يعلم ، ثم علم ، وأما متى علم ؛ فالآيات لا تحدد لنا ذلك ؛ فلربما يكون قد علم حينما كان في سن العشرين مثلا ، أو قبل ذلك أو بعده.
بل لعله علمه منذ صغره ، فقد دلت الروايات على أنه «صلى الله عليه وآله» كان نبيا منذ ذلك الحين ..
بل في الروايات : «كنت نبيّا وآدم بين الروح والجسد» أو نحو ذلك.
وثانيا : إن السيد الطباطبائي يقول : إن الآيات ناظرة إلى نفي العلم التفصيلي ، أما العلم الإجمالي فقد كان موجودا ، لأن عبد المطلب وأبا طالب وغيرهما كانوا مؤمنين بالله ، وكتبه إجمالا ، والنبي أيضا كذلك (٣) ، لا سيما إذا
__________________
(١) الآية ٥٢ من سورة الشورى.
(٢) الآية ٨٦ من سورة القصص.
(٣) راجع : تفسير الميزان ج ١٨ ص ٧٧.