يستوقفنا الدكتور بسام بركة ، في تقسيمه وتعقيبه حين يقول : « أما الدال فهو الصورة الصوتية التي تنطبع مباشرة في ذهن السامع ، وهو بعبارة أخرى : الإدراك النفسي للكلمة الصوتية ، وأما المدلول فهو الفكرة التي تقترن بالدال » (١).
ويهمنا من هذا المنحنى التأكيد على صلة اللغة بالفكر فيما يوحيه من علاقة مباشرة قد تكون ضرورية بين عناصر الأشارات المتولدة في الذهن نتيجة لاقتران الدال والمدلول خلف الدلالة ، في حين يقول بعض الدارسين العرب : « لا تقتصر دلالة الكلمة على مدلولها فقط ، وإنما تحتوي على كل المعاني التي قد نتخذها ضمن السياق اللغوي. وذلك لأن الكلمات ، في الواقع ، لا تتضمن دلالة مطلقة بل تتحقق دلالتها في السياق الذي ترد فيه ، وترتبط دلالة الجملة بدلالة مفرداتها » (٢).
ومع تقويمنا للنصين السابقين واعتدادنا بهما فإن بالأمكان أن نتصور ـ بكل تواضع وسماح ـ أن للألفاظ ظاهرتين متلازمتين تتمم إحداهما الأخرى :
الظاهرة الأولى : ظاهرة حسية ، باعتبار الألفاظ أصواتاً تنطلق بها الأوتار الصوتية من داخل الجهاز الصوتي ـ ابتداءً من أقصى الحلق وانتهاءً بانطباق الشفتين لتتصل بالأسماع ، وتصل إلى الآذان.
الظاهرة الثانية : ظاهرة معنوية ، باعتبار الألفاظ رموزاً تشتمل على أصواتها لدى انطباقها على مسمياتها ، وإن كانت غيرها.
وتأسيساً على هذه الرؤية يتحقق لنا لمس إطارين حيّين للألفاظ بعامة : ـ
إطار خارجي ، يتمثل بالصوت اللساني لكل لفظ ، وإطار داخلي يحمل لنا الصورة الذهنية لذلك الصوت.
________________
(١) د. بسام بركة ، اللغة والفكر بين علم النفس وعلم اللسانية ( بحث ). ظ : المصادر.
(٢) د. ميشال زكريا ، المكون الدلالي في القواعد التوليدية والتحويلية ( بحث ). ظ : المصادر.