بسم الله الرحمن الرحيم
في منظور النقد البلاغي واللغوي يحتل البحث الدلالي ذروة التأصيل الفني حيث تتبلور الدلالة بلاغياً ولغوياً ونقدياً جملة واحدة ، وذلك عند التفاصيل الدقيقة التي تجعل الدال علامة يرمز إليها بالأشكال ، والمدلول إمارة يؤكد عليها بالمعاني ، والعلاقة القائمة بينهما نتيجة محورية تتمخض عن التقائهما.
إن التفكير في استنباط هذه العلاقة التي هي جوهر الدلالة يجب أن يحدث جملياً دون تردد ، ومتى تم لنا هذا كانت الدلالة المتصورة ذهنياً حصيلة عملية فورية لاقتران الدال بالمدلول ، أو اللفظ بالمعنى ، أو الشكل بالمادة ، أو الاطار بالمحتوى ... بمختلف التعبيرات المختلفة المنطوق ، والمتحدة المفهوم ... ويمكن تجسيد هذا المنظار في ضوء ما نجده في التصور الأولي للحرف (أ) في اللغة العربية عند الذهن وذلك حين يرسم هذا الأمر دالاً بشكله على هيئته الذهنية ، وهو نفسه في اللغة الانكليزية يرتسم شكلياً على هذا النحو (A) حينما نتصوره بهذه اللغة دون سواها.
والتبادر الذهني لهذه الرموز عند نطقها يحدث دفعة واحدة عند تصور أشكالها في الخارج بحيث لا يلتبس التصور للحرف نفسه ، ولا يختلط بغيره من الحروف في كل من اللغتين.
البحث الدلالي الحق هو ذلك البحث الذي يخلص إلى نتائج النظرية والتطبيق في دلالة الألفاظ بحيث لا ينفصل التصور الذهني المجرد عن الشكل المادي الخارجي ، وهذه المهمة هي المنعطف الهادف لمسيرة البحث الدلالي المتطورة عند العرب والأوروبيين.