من ربّه فيقول : يا هذا ، أبشر برحمة من الله ورضوان وجنات لك فيها نعيم مقيم ، فيقول : من أنت؟ لك الخير لوجهك ، لوجه يأتي بخير (١) ، فيقول : أنا عملك الصالح ، أمّا والله ما علمتك إلّا سريعا في طاعة الله ، بطيئا عن معصية الله ، فجزاك الله خيرا ، فيقول : وإيّاك ، قال : فإنه لرافع يده ينادي : اللهم عجّل قيام الساعة ليرجع إلى أهله ، وما في الجنّة ـ وفي حديث عيسى : وما له في الجنّة ثم تلا : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)(٢) إلى آخر الآية ، وإن المنافق أو الفاجر إذا كان في قبل من الآخرة ، وانقطاع من الدنيا نزلت عليه (٣) ملائكة ، عليهم سرابيل من قطران ، وثياب من نار ، فأقعدوه قاعدا ، ثم انتشطوا نفسه كما يخرج السفود الكثير الشعث (٤) من الصوف المبتلّ ، حتى إنه ليخرج معه العصب والعروق ، فيلعنه كل ملك في السماء ، وكل ملك في الأرض ، ويغلق دونه كل باب في السماء ما منها من باب إلّا يكره أن يدخل به منه ، ثم تلا : (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) عند الموت (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) يوم القيامة (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ) إلى آخر الآية (٥) ، ثم يقول : اللهمّ إن هذا فلانا قد توفينا نفسه ، فيقول الله : أعيدوه فإنا قد وعدناهم أن منها خلقناهم وفيها نعيدهم ، فإنه ليسمع خفق نعالهم وهم مدبرون ، ثم يقال له : يا هذا ، من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فيقول : لا أدري ، فيناديه مناد من السماء : أن لا دريت ، فأفرشوا له لوحين من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار ، وأروه مكانه من النار ، فيفرش له لوحين من النار ، ويرى مكانه من النار ، ثم يقيض له أصم أبكم أعمى ، فيضربه ضربة يتحول منه حممه ، ثم يعاد فيصيح صيحة حتى يسمع أهل السماء ، وأهل الأرض إلّا الثقلين ـ الجنّ والإنس ـ» فقلنا للبراء : أرأيت الذي يقيض له أصم أبكم ، أملك هو أم شيطان؟ قال : كنا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أشدّ توقيرا من أن نسأله أملك أم شيطان ، «ثم يأتيه آت من ربّه : أبشر بسخط من الله وعذاب ، فيقول : من أنت؟ لك الشر ووجهك وجه يخبر (٦) بالشر ، فيقول : أنا عملك السيئ ، أما والله ما علمتك إلّا بطيئا في طاعة الله ، سريعا في معصية الله ، فجزاك الله شرا ، فيقول : وإيّاك» ، ثم تلا هذه الآية : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(٧).
__________________
(١) زيد في «ز» ، ود ، وم : وقال عيسى : يجيء بالخير.
(٢) سورة إبراهيم ، الآية : ٢٧.
(٣) في م ود ، و «ز» : إليه.
(٤) استدركت على هامش م.
(٥) سورة الأعراف ، الآية : ٤٠.
(٦) استدركت على هامش م.
(٧) سورة إبراهيم ، الآية : ٢٧.