أن أشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك؟» وفي رواية أخرى : «وشكري لك نعمة أخرى توجب عليّ الشكر لك» ، فأوحى الله تعالى إليه «إذا عرفت هذا فقد شكرتني» وفي خبر آخر : «إذا عرفت أن النعم مني فقد رضيت بذلك منك شكرا».
(حمدا وشكرا كثيرا كما هو أهله) ، يمكن كون الكاف في هذا التركيب زائدة مثلها في (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (١) ، لأن الغرض حمده بما هو أهله ، لا بحمد يشابه الحمد الذي هو أهله ، و «ما» موصولة ، و «هو أهله» صلتها وعائدها ، والتقدير : الحمد والشكر الذي هو أهله. مع منافرة تنكيرهما لجعل الموصول صفة لهما ، أو نكرة موصوفة بدلا من «حمدا وشكرا» لئلا يلزم التكرار وقد تجعل «ما» أيضا زائدة ، والتقدير : حمدا وشكرا هو أهله.
ويمكن كون الكاف حرف تشبيه ، اعتبارا بأن الحمد الذي هو أهله لا يقدر عليه هذا الحامد ولا غيره ، بل لا يقدر عليه إلا الله تعالى ، كما أشار إليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» (٢) ، وفي التشبيه حينئذ سؤال أن يلحقه الله تعالى بذلك الفرد الكامل من الحمد ، تفضلا منه تعالى ، مثله في قولهم : «حمدا وشكرا ملء السّماوات والأرض ، وحمدا يفوق حمد الحامدين» ، ونحو ذلك.
واختار الحمد بهذه الكلمة لما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم «من قال : الحمد لله كما هو أهله شغل كتّاب السماء فيقولون : اللهم إنا لا نعلم الغيب ، فيقول تعالى : اكتبوها كما قالها عبدي وعليّ ثوابها» (٣).
(وأسأله تسهيل ما) أي الشيء ، وهو العلم الذي (يلزم حمله وتعليم ما لا)
______________________________________________________
وقد جعلته أبا أنبيائك وصفوتك وأسجدت له ملائكتك؟ فقال : إنه عرف أن ذلك من عندي فكان اعترافه بذلك حق شكري) (٤).
(١) الشورى الآية : ١١.
(٢) مستدرك الوسائل الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الذكر حديث ٢.
(٣) خبر زيد الشحام عن أبي عبد الله عليهالسلام ، الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الذكر حديث١.
__________________
(٣) نقلا عن بحار الأنوار ج ١٤ ص ٤٠.