(يسع) أي لا يجوز(جهله) وهو العلم الشرعي الواجب.
(وأستعينه على القيام بما يبقى أجره) على الدوام ، لأن ثوابه في الجنة (أُكُلُهٰا دٰائِمٌ وَظِلُّهٰا) (١) ، (ويحسن في الملأ الأعلى ذكره). أصل الملأ : الأشراف والرؤساء الذين يرجع إلى قولهم ، ومنه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرٰائِيلَ) (٢) ، قيل لهم ذلك لأنهم ملاء بالرأي والغنى ، أو أنهم يملئون العين والقلب ، والمراد بالملإ الأعلى الملائكة ، (وترجى مثوبته وذخره) ، وفي كلّ ذلك إشارة إلى الترغيب فيما هو بصدده من تصنيف العلم الشرعي وتحقيقه ، وبذل الجهد في تعليمه.
(وأشهد أن لا إله إلّا الله) تصريح بما قد دلّ عليه الحمد السابق ، بالالتزام من التوحيد ، وخصّ هذه الكلمة ، لأنها أعلى كلمة (٣) ، وأشرف لفظة نطق بها في التوحيد ، منطبقة على جميع مراتبه ، و «لا» فيها هي النافية للجنس ، و «إله» اسمها ، قيل والخبر محذوف تقديره «موجود» ، ويضعّف بأنه لا ينفي إمكان إله معبود بالحق غيره تعالى ، لأن الإمكان أعمّ من الوجود وقيل : «ممكن» ، وفيه أنه لا يقتضي وجوده بالفعل وقيل : «مستحق للعبادة» وفيه أنه لا يدل على نفي التعدد مطلقا.
وذهب المحققون إلى عدم الاحتياج إلى الخبر وأنّ «إلّا الله» مبتدأ وخبره «لا إله» ، إذ كان الأصل «الله إله» ، فلما أريد الحصر زيد «لا وإلّا» ومعناه «الله إله ، ومعبود بالحق لا غيره» ، أو أنها نقلت شرعا إلى نفي الإمكان والوجود عن إله سوى الله ، مع الدلالة على وجوده تعالى وإن لم تدل عليه لغة(وحده لا شريك له) تأكيد لما قد استفيد من التوحيد الخالص ، حسن ذكره في هذا المقام لمزيد الاهتمام.
(وأشهد أنّ محمدا نبيّ أرسله) ، قرن الشهادة بالرسالة بشهادة التوحيد ،
______________________________________________________
(١) الرعد الآية : ٣٥.
(٢) البقرة الآية : ٢٤٦.
(٣) قال الشارح «لأن المعترف بوحدانيته إذا اعترف بهذه الكلمة عند الموت وجبت له الجنة لحديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله فله الجنة».