الدمع مع احتماله لأنه (١) البكا مقصورا ، والشك في كون الوارد منه في النص مقصورا أو ممدودا ، وأصالة عدم المدّ معارض بأصالة صحة الصلاة ، فيبقى الشك في عروض المبطل مقتضيا لبقاء حكم الصحة.
______________________________________________________
هذا واعلم أن البكاء يمدّ ويقصر فمع المدّ يراد به البكاء المشتمل على الصوت ، ومع القصر يزاد به الدموع فقط وهو المحكي عن الصحاح والخليل والراغب وابن فارس وعن المقاييس نسبته إلى النحويين ، وباعتبار أن المسئول عنه في الرواية كما وصلت إلينا بالمدّ فيكون البكا مقصورا ومجردا عن الصوت فلا بأس به وإن كان لذكر الميت وقد نسب ذلك إلى المشهور بين الأصحاب كما في الحدائق ، هذا ويحتمل أن يكون البكاء في الرواية مقصورا إذ لا توجد نسخ مضبوطة تقطع النزاع مع العلم بتسامح النساخ بالإضافة إلى أن لفظ البكاء بالمد قد وقع في السؤال مع أن الحكم مستفاد من الجواب وهو مشتمل على الفعل (إن بكى) وهو مطلق يشمل الحالتين ، فضلا عن أصالة عدم الزيادة في اللفظ والمعنى عند الشك فيها ، وأيضا لا نسلم بهذا الفرق بين الممدود والمقصور إذ المعنى العرفي أعم ولا بد أن تحمل الرواية عليه.
وفي الكل تأمل أما في الأول فكل النسخ قد جاءت بالممدود فلا داعي لاحتمال غيره ، والثاني أن الفعل وإن كان كذلك إلا أن المراد منه هو الممدود للتطابق بيّن الجواب والسؤال والثالث معارض بأصالة صحة الصلاة لو بكى من دون صوت ، والرابع أن الفرق بين العرف واللغة في عصرنا غير متحقق وأن البكاء فيهما هو ما يشمل المجرد لكن اتفاق أهل اللغة على ما نقل يوجب أن يكون المعنى العرفي في زمن صدور النص متطابقا معه ، وإن كان الاحتياط لا يترك في البكاء المجرد عن الصوت.
ثم اعلم أن الرواية وإن نصت على البكاء لذكر الميت لكن مقابلته مع ذكر الجنة والنار يقتضي أن يكون ذكر الميت من باب المثال لكل ما يكون من الأمور الدنيوية ، نعم إذا صلى ودعا الله بأمر دنيوي لكنه بكى تذللا لله تعالى حتى يقضي حاجته فهو من المرغبات شرعا ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام (إذا خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله تعالى فمجده وأثن عليه كما هو أهله وصلّ على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذباب ، إن أبي عليهالسلام كان يقول : إن أقرب ما يكون العبد من الرب (عزوجل) وهو ساجد باك) (١).
(١) أي مجرد خروج الدمع.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب الدعاء حديث ٤.