(ومن المندوبات. صلاة الاستسقاء) (١)
______________________________________________________
(١) اعلم أن السبب في حبس المطر عن العباد شيوع المعصية وكفران النعمة والتمادي في البغي والفساد ومنع الحقوق والحكم بغير ما أنزل الله ونحو ذلك من المعاصي التي تغيّر النعم وتنزل النقم وتحبس الرحمة عن العباد قال الله تعالى : (إِنَّ اللّٰهَ لٰا يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ) (١) ، وقال تعالى : (وَضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلاً قَرْيَةً كٰانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهٰا رِزْقُهٰا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكٰانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّٰهِ فَأَذٰاقَهَا اللّٰهُ لِبٰاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمٰا كٰانُوا يَصْنَعُونَ) (٢). وفي الفقيه مرسلا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إذا غضب الله على أمة ثم لم ينزل بها العذاب. عذاب الاستئصال. غلت أسعارها وقصرت أعمارها ، ولم تربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم تغزر أنهارها ، وحبس الله عنها أمطارها وسلّط عليها أشرارها) (٣) ، وفي خبر عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليهالسلام : (إذا فشت أربعة ظهرت أربعة ، إذا فشا الزنا كثرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء ، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين) (٤).
وفي الخبر عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام : (أما أنه ليس سنة أقل مطرا من سنة ، ولكن الله يضعه حيث يشاء ، إن الله (جل جلاله) إذا عمل قوم بالمعاصي صرف عنهم ما كان قدّر لهم من المطر في تلك السنة إلى غيرهم وإلى النبات والبحار والجبال) (٥)
ولذا فينبغي عند قلة المطر أن تكون صلاة الاستسقاء بعد التوبة والإقلاع عن المعاصي وإرجاع الحقوق إلى أهلها ، هذا ويستحب صلاة الاستسقاء بالاتفاق منا ولم يخالف إلا أبو حنيفة حيث جعل السنة عند ذلك الدعاء خاصة ، لأن النبي استسقى بالدعاء كما جاء في أخبار روتها العامة والخاصة ، فقد روى الكليني في روضته عن أبي عبد الله عليهالسلام : (أتى قوم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : يا رسول الله ، إن بلادنا قد قحطت وتوالت السنون علينا فادع الله تعالى يرسل السماء ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمنبر فأخرج ، واجتمع الناس فصعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعا وأمر الناس أن يؤمّنوا ، فلم يلبث أن هبط جبرئيل عليهالسلام فقال : يا محمد أخبر الناس أن ربك قد وعدهم أن يمطروا يوم كذا وكذا ، وساعة كذا ـ
__________________
(١) الرعد الآية : ١١.
(٢) النحل الآية : ١١٢.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٧ ـ من أبواب صلاة الاستسقاء حديث ٢ و ١.
(٥) الوسائل الباب ـ ٣٧ ـ من أبواب الأمر والنهي حديث ٤ من كتاب الأمر بالمعروف.