الحكومة المركزية بأسباب الحادثة والنتائج التي ترتبت عليها ، وطبقا لما ذكره محمد نامق يتضح أن السياسة التي انتهجها نجيب باشا في المنطقة والهادفة إلى تغيير الإدارة الرخوة لسلفه علي رضا باشا وعدم السماح بأيّ عمل قد يخلّ بأمن المنطقة أدت إلى ميل الأهالي للثورة (١).
كانت توجد عدة أسباب أخرى بخلاف تلك الأحداث الظاهرية التي تسببت في ظهور حادثة كربلاء وأولها : جهود تطبيق التنظيمات ، وثانيها : عدم رغبة الدولة العثمانية في أن تعيش مشكلة أخرى مثل مشكلة مصر ، فقد نظرت الدولة العثمانية إلى الفترات الصعبة التي قضتها أثناء مسألة مصر ولذا تمسكت بشدة بتحقيق الإدارة المركزية في بغداد وكربلاء.
فقد كانت مصر تدار كولاية من الولايات العثمانية منذ فتحها وحتى عام ١٨٤١ م ، وكان يرسل لها الباشاوات لإدارتها ، وكان ينبه عليهم بأن وظيفتهم هناك تتمثل في تحقيق الأمن ، والحفاظ على طاعة أمراء المماليك للدولة ، وإرسال الضريبة السنوية كل عام للباب العالي ، ولهذا لم يفكر الولاة في القيام بأعمال كبرى للنهوض بالولاية ، ولأن هؤلاء أرسلوا إلى مصر لفترة مؤقتة ولوجودهم كأجانب في تلك الولاية لم يقوموا بتلك المساعي ، أما محمد علي باشا فبالرغم من أنه قضى على حكم المماليك في مصر ، وتصرف بشكل يخالف رغبة الباب العالي وعمل واليا على مصر لفترة طويلة ، تمكن خلالها من عمل تنظيمات وأعمالا كبرى ناجحة ، إلا أن مصر حافظت على وضعها القانوني كولاية تابعة للدولة العثمانية حتى فرمان عام ١٨٤١ م الذي جعل إدارة مصر شبه مستقلة في القانون الدولي وانتقلت إدارة مصر الفعلية بعد ذلك إلى أسرة محمد على باشا (٢).
__________________
(١) BOA ,I.MSM ٦٣٨١ ,Lef : ٢ ,٩١ Ra ٩٥٢١.
(٢) Enver Ziya Karal, Osmanli Tarihi, Ankara ٠٠٠٢, VI, ٥٨.