المطبوع في المنطقة إلا أن الدولة العثمانية لم تقم بأي نشاط في هذا الشأن حتى عام ١٨٧٣ م ، ويمكن القول بأن السبب الرئيسي في ذلك هو تفضيل الحكومة لنسخ المصاحف المخطوطة.
وكانت الدولة العثمانية تفكر في أن هناك موانع سياسية ودينية من إدخال نسخ القرآن الكريم بطرق غير قانونية إلى الأراضي العثمانية ، وانتهجت سياسة حيال ذلك وقد قيّمت هذه المشكلة التي عاشتها الحكومة العثمانية على أنها مغايرة للتعظيم والتكريم ومنافية للآداب الإسلامية.
وعند النظر إلى الموضوع من الوجهة السياسية سنرى أن الدولة العثمانية كانت نظر لاستخدام المصاحف الواردة من إيران وليس المصاحف كلها في منطقة لها أهمية دينية واستراتيجية مثل كربلاء على أنه إضعاف لسلطتها ، ويمكن أن يسبب محظورات من الناحية الدينية ، والأهم من هذا أن إيران كانت تدعي أن المصاحف المطبوعة في الدولة العثمانية بها أخطاء ، وذلك لتقليل النفوذ العثماني في كربلاء ، وكانت إنجلترا تستخدم نفس الأسلوب في عهد السلطان عبد الحميد الثاني لتقليل النفوذ العثماني بين مسلمي الهند (١).
__________________
(١) تعطينا التطورات التي حدثت بخصوص طبع المصحف الشريف وتوزيعه في عهد السلطان عبد الحميد الثاني فكرة عن مدى حساسية هذا الموضوع في العهود السابقة. لأن إنجلترا كانت تخشى من السياسة الإسلامية الجديدة للسلطان عبد الحميد الثاني ونفوذ الخلافة الذي سعى لبسطه لصالح الإسلام ، وكانت تريد تقليل هذا النفوذ بالقدر الممكن لها. وبدأوا يروجون شائعات خاصة بين مسلمي الهند بأن الخليفة طبع نسخا من مصحف به أخطاء. ولكن الأمر كان على خلاف ذلك لأن السلطان عندما أراد طبع المصحف أمر بتشكيل لجنة تتكون من ستة أو سبعة حفاظ ، ورئيس القراء في الدولة العثمانية ، وأن تكون النسخة التي يعتمدونها هي الأساس الذي ستعمل عليه المطبعة ، كما أمر بجمع كل المصاحف التي طبعها الإيرانيون والمشتبه فيها.
Cezmi Eraslan, II. Abdulhamid ve Islam Birligi, Istanbul ٢٩٩١, s. ٤٢٢.