وثمة سبب آخر لرد الفعل الذي قامت به الحكومة العثمانية تجاه المصاحف الواردة من إيران ، وهو ظهور اختلافات بين تلك المصاحف وبين المصاحف المستخدمة في الدولة العثمانية ، وبالطبع لم تكن تلك الاختلافات من ناحية المعاني ، بل من ناحية القراءات ، ولفهم المشكلات المتعلقة بالقراءات بشكل أفضل يجب معرفة كيف بدأت تلك الاختلافات :
انتشر الإسلام في مساحة جغرافية كبيرة بالفتوحات التي تمت في عهدي عمر وعثمان ، ولهذا كانت المساحة التي ينتشر بها القرآن الكريم تتسع يوما بعد يوم ، وكان يرسل القراء من الصحابة إلى البلدان المفتوحة ، واستمر تعليم القرآن بشكل سريع ، ومن ذلك على سبيل المثال فقد أرسل عبد الله بن مسعود إلى الكوفة وأبو موسى الأشعري إلى البصرة وأبي بن كعب وأبو الدرداء إلى الشام.
وكانت مصاحف هؤلاء الصحابة تختلف عن بعضها من حيث التنظيم والترتيب ، كما كانت توجد أيضا اختلافات من حيث القراءة ، ولإزالة هذه الفروق اتخذت لهجة قريش كلهجة أساسية للقراءة ، إلا أن بعض القراء الذين لم يقفوا على لهجة قريش حافظوا على قراءاتهم ، حتى إن بعضهم أضاف بعض الكلمات على سبيل التفسير ، ولأن النبي سمح باختلاف القراءات ، كانت هذه الاختلافات التي ظهرت لأسباب مختلفة سببا في ظهور العديد من الشبهات والنزاعات في العهود التالية.
جمع عثمان بن عفان المصاحف كلها في مصحف واحد وعلى حرف واحد (أي على قراءة واحدة) ، ووافق الصحابة على أن هذا هو السبيل الوحيد للقضاء على الفتنة التي قد تحدث بسبب هذا.
وفي عهد عثمان وضعت بعض الأسس لقراءة القرآن الكريم ، إلا أن تلك الأسس قد نسيت بمرور الوقت وزاد أهل البدع ، وعمدوا إلى القرآن بشكل خاطئ ، بل إنهم تجرؤوا على تحريف القرآن ، الأمر الذي جعل