ومن أهم أهداف التنظيمات التي قامت بها الدولة العثمانية هنا حماية كربلاء وما حولها من التدخل الأجنبي الذي تعرضت له المنطقة بسبب وجود العتبات فيها ، فقد كانت مشكلات الحدود والمشكلات الأخرى الكائنة مع إيران منذ بداية القرن التاسع عشر وأهداف الدول الأوروبية في المنطقة سببا في اضطراب منطقة كربلاء ، ولكن بعد توقيع معاهدة أرضروم عام ١٨٤٧ م مع إيران التي كانت أهم مصدر لتلك الأوضاع المضطربة ، تمّ حلّ موضوعات النزاع بشكل نسبي ، إلا أن الدولة العثمانية أدركت أنه يجب عمل إصلاحات إدارية في المنطقة لضمان عدم حدوث تلك الاضطرابات وإعاقة التدخل الأجنبي ، وخطت خطوات جدية وسريعة في هذا الموضوع ، وقد أكدت الدولة العثمانية سيادتها في كربلاء بتحويلها إلى متصرفية وبتأسيسها المراكز العمرانية الجديدة بهدف تأمين السيطرة على العشائر الموجودين في المنطقة ، وبتأسيس تشكيل إداري بها.
٢ ـ إلغاء متصرفية كربلاء وتشكيلها مرة أخرى
بالرغم من أن حادثة إلغاء متصرفية كربلاء وقعت في فترة تاريخية لاحقة للفترة التي نقوم بدراستها ، إلا أنه ثمة فائدة من عرض هذا الموضوع لما فيه من إظهار لأهمية كربلاء ، إن كلّ متصرفية جديدة كانت تؤسس في ولاية بغداد كانت تعني تحميل الخزانة عبئا جديدا ، لأن زيادة أعداد الموظفين كان يعني زيادة الأموال المخصصة كرواتب لهم ، وعندما بلغت الضائقة المالية حدّها عام ١٨٧٥ م كان الباب العالي يريد توحيد بعض المناطق العمرانية في بغداد وتقليل عدد المتصرفيات وإراحة الخزانة.
وثمة سبب آخر دفع الخزانة إلى ضائقة وهو ازدياد الانحرافات في المتصرفيات ، ولا ننسى أن مدحت باشا قام في الأساس بتأسيس متصرفية كربلاء للقضاء على الانحرافات التي كانت بها ، إلا أن زيادة الانحرافات