بعده داود باشا الذي استمرت ولايته على بغداد خمسة عشر عاما وكانت إدارته ناجحة للغاية خلال تلك الفترة ، وبالرغم من أن داود باشا كان يدفع الضريبة السنوية المقررة عليه باستمرار إلا أنه تحرك بشيء من الاستقلالية أثناء حكمه للولاية وذلك بسبب قوة شخصيته ، وكان هذا الوضع ضد سياسة السلطان محمود الثاني التي كانت تدعو للمركزية ، ولما بدأت الحرب العثمانية ـ الروسية (١٨٢٨ ـ ١٨٢٩ م) تأخر داود باشا في دفع الضريبة فعزله السلطان محمود الثاني من منصبه ، وأرسل فرمان العزل مع صادق أفندي ، فقتل داود باشا صادق أفندي ، ولم ينصع لأوامر السلطان فاعتبرت الدولة العثمانية فعله هذا خروجا عليها ، وأرسلت علي رضا باشا بقوة عسكرية ليتولى منصب والي بغداد في شهر سبتمبر عام ١٨٣١ م ولما وصل علي رضا باشا إلى بغداد استسلم له داود باشا بعد مناوشة فأرسله علي رضا باشا إلى استانبول (١) ، وبذلك انتهى حكم المماليك في بغداد سنة ١٨٣١ م.
اتخذ داود باشا كل الإجراءات الأمنية المطلوبة لنشر الأمن والطمأنينة في بغداد ، ولم يسمح قط بظهور أية أعمال قد تخلّ بالأمن ، حتى إنه اهتم بتربية وتأديب عشائر عنزة التي كانت تهاجم أهالي النجف وكربلاء بصفة مستمرة ، ويفهم من فرمان السلطان المرسل في ١٨١٦ وفي ١٨١٨ م أن داود باشا كلف بتأديب عشيرتي عنزة ودليم لهجومهما على الأهالي في النجف وكربلاء ، وطلب منه نشر الأمن والأمان في كل أرجاء بغداد (٢).
حدثت بعض التنظيمات الإدارية في ولاية بغداد في عهد المماليك ، ففي ذلك العهد عين ولاة بغداد على ولايتي البصرة
__________________
(١) Zekeriya Kursun," Davud Pasa", DIA, Istanbul ٣٩٩١, IX, ٨٣.
(٢) BOA ,Hatt ـ i ? Humayun (HH) ٣٧٤٤٢ VE ٢٠٤٤٢.