وبالنظر إلى أسباب تلك الزيادة سيتبادر إلى الذهن ـ في أول الأمر ـ أن تلك المدارس كانت لتقليل القوة العثمانية في المنطقة ، إلا أن السبب الرئيسي في تلك الزيادة هو إدراك الدولة العثمانية أن تلك المدارس في النجف وكربلاء لم تكن حكرا على إيران ، وإيمانها بأنها يمكنها أن تجعل تلك المدارس تدور في فلكها.
وبالرغم من أن موضوع المدارس في النجف وكربلاء في عهد السلطان عبد الحميد الثاني بعيد عن حدود در استنا ، إلا أن هناك فائدة من التعرض لبعض النقاط التي ستلقي الضوء على السياسة في الفترة فيما بين عام ١٨٤٣ وعام ١٨٧٣ م ، فقد كانت المعلومات الواردة في اللوائح والسجلات المرسلة من النجف وكربلاء إلى استانبول بخصوص العلماء والمدارس الموجودة في المنطقة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني توضح أن الدولة العثمانية ستغير من سياستها في المنطقة ، وفي إحدى التقارير المتعلقة بالموضوع والمرسلة من بغداد إلى استانبول ، تم تقييم العلماء والمدارس في النجف وكربلاء على ما يلي :
«إن أهم مجتهدي الشيعة يعيشون في النجف وكربلاء وهم رعايا عثمانيون من أصول عربية ، وبالرغم من أن هؤلاء المجتهدين لا يحبون شاه إيران ، إلا أنهم يكنون له الاحترام بسبب المساعدات التي يقدمها للعلماء والعتبات ، ولو أن الشاه حصل على تأييد ودعم هؤلاء المجتهدين سيعمل هذا على استمرار تبعية أهالي إيران للشاه ، وإذا حدث العكس فمن المحتمل أن يقوم الأهالى بثورة ضد الشاه في كل وقت وحين ، حتى روسيا أيضا تعلم قوة هؤلاء العلماء ، وتبدي لهم الاحترام ، وسيمكن لروسيا بتلك السياسة تأسيس علاقات ساخنة مع إيران ، وسيطرتها على الشيعة الموجودين في داغستان».
ولأن العلماء الشيعة رأوا عدالة من الإدارة العثمانية ، فإن مسألة تمكن الدولة العثمانية من بسط نفوذها على العلماء وكل الشيعة ، كان