السلطات التركية اتخذت بعض الإجراءات المشددة لمنع الحجاج الإيرانيين من إحضار موتاهم ودفنهم في تلك الأراضي التي يعدونها أراضي مقدسة ، ونتيجة للمباحثات التي تمت في هذا الشأن منع الشاه نسبة كبيرة من الإيرانيين من الحج إلى كربلاء ، وأصبحت مدينة مشهد في إيران بدلا من مدينة كربلاء ، وأدى هذا الإجراء لتعرض الدولة العثمانية لفقدان مصدر كبير للدخل لها لفترة ، إلا أنه تم السماح بعد ذلك للجيج بالزيارة (١).
قامت الدولة العثمانية ببعض التنظيمات لتوفير الأمن والراحة للزوار والتجار الإيرانيين منذ فتح بغداد وحتى الفترة التي نقوم بدراستها ، ولقد منع الحجيج الشيعة من القدوم إلى كربلاء لفترات قصيرة بسبب الأحداث السياسية ، ولذا فمن الصعب القول إن الرجوع في هذا مرتبط بالضرر اللاحق بالمصالح الاقتصادية ، كما أن النزاعات التي كانت بين الدولة العثمانية وإيران كالصراع الشيعي لم تكن بالقوة التي تجعلها سببا في بقاء الحجيج الشيعة بعيدا عن تلك الأراضي لفترة طويلة ، فلم ترغب الدولة العثمانية في ابتعاد الحجيج الشيعة عن المنطقة لفترة طويلة ، بل إنها أعطت الأولوية لسياسة الاهتمام بالتشابة بين المذهبين السني والشيعي أولا وليس الفروق المذهبية بينهما ، ولذا فليس من الخطأ الاعتقاد بأن شيعة العثمانيين لم يتحملوا تلك الاضطربات طويلة المدى ، لأن الاستقرار السياسي في المنطقة كان يتطلب إظهار الاحترام والرعاية لمعتقدات الشيعة ، لا سيما وأن هذا الوضع لم يكن يتعارض مع البنية التقليدية للدولة العثمانية أو يتناقض مع سلوكها تجاه المعتقدات المختلفة.
كانت ولاية بغداد من الولايات التي لها إدارة مختلفة عن الإدارة
__________________
(١) Cowper ,a.g.e.,s.٢٧٣.