الأوروبية لم تنس من بينها هذا السبب (جوازات السفر). كان ذلك البنباشي يظن أنه سيجد في أوراقنا نقصا ، إلّا أنه نال ما يستحق ؛ لقد كان رفيقي نظاميا ، وكنت أنا أكثر نظامية منه ، لأن مبدئي في السفر هو الحصول على عدد كبير من التأشيرات ، وعدم الاقتصاد في ذلك ، لكي أتجنب الانزعاج والتأخير ؛ لذلك كان معي جواز سفر خاص بالذهاب إلى سيناء حصلت عليه من القنصل الفرنسي في القاهرة ، ومؤشر من السلطات المصرية ، وقد طلبت زيادة في الحيطة أن يسجّل عليه السلاح الذي أحمله. ولما لم يجد وسيلة لأزعاجنا ، لم يكن لديه ما يستطيع فعله إلّا أن يعيد لنا أوراقنا : وهذا ما فعله ، ولكن ليس دون أن يمتع نفسه بوضع تأشيرته الخاصة عليها ، وقد علمت من ذلك أن هذه الشخصية المشهورة تسمّى Hassim Ibrahim هاشم إبراهيم. ولما شعر بأنه قد هزم في هذا الجانب أراد أن يثأر بطريقة أخرى ، لقد تخيل أن باستطاعته مصادرة الجمال التي حملتنا من مدينة الطور ، والتي كان من المفترض أن ترجعنا إليها. وإليكم الدافع أو الحجة للقيام بهذا الإجراء العشوائي ؛ إن الأعمال الجارية في الطريق ، وحاجة معسكر العاملين فيه ، جعلت الحكومة المصرية تحجز كل جمال المنطقة : صحيح أنهم كانوا يدفعون لأصحابها / ٨٦ / أجرة جيدة ؛ ولكن ثقل الأحمال ، والمعاملة السيئة التي تلقاها تلك الجمال من الجنود ، جعل عددا كبيرا من هذه الحيوانات التي تغذى تغذية سيئة ، وتكاد تكون من قبل منهكة بسبب الضائقة العامة ، جعلها ، تموت من التعب ، وجعل طرق الصحراء مليئة ببقايا جثثها. لذلك لا يلتزم البدو ، إلّا بعد تردد ، بأوامر الباشا ، ويراوغون للتخلص منها كلما استطاعوا فعل ذلك ، دون أن يعرضوا أنفسهم للخطر ؛ لأن بدو سيناء مفسدون تماما ومهجنون تماما : لقد أصبحوا فقراء ، لا يملكون إلا ماشية قليلة ، وليس لهم من مورد في الأوقات العادية إلّا أن يذهبوا إلى القاهرة لبيع ملح المناجم والفحم. وتتحاشى السلطات استخدام العنف الشديد في معاملتهم ، وذلك لسببين ، أولهما : أن سياسة عباس باشا حينئذ كانت تقوم على استثناء البدو كلهم من هذه الإجراءات ، مخافة أن يؤدي التشديد عليهم إلى إثارتهم. وثانيهما : أنهم إذا هربوا إلى قلب الصحراء فليس