مقدمة المترجم
١ ـ لمحة تاريخية :
بدأ ديدييه رحلته بتاريخ ١٦ يناير (كانون الثاني) ١٨٥٤ م / ١٢٧٠ ه من مصر. ويذكر ناشر الرحلة في مقدمته : أن ديدييه كان في طريق عودته إلى بلاده ، عبر أثينا ، ولكن رجلا إنكليزيا تعرف عليه آنذاك ، اقترح عليه رحلة إلى جبل سيناء يتقاسمان تكاليفها ، فرحب ديدييه بالفكرة ، وقاما بالرحلة معا. ومن هناك قررا السفر إلى الحجاز ، وزيارة شريف مكة المكرمة عبد المطلب بن غالب ، الذي كان موجودا آنذاك في الطائف.
كان يحكم مصر إبّان زيارة ديدييه ، عباس باشا بن طوسون باشا بن محمد علي (١٨٤٨ م ـ ١٨٥٤ م). وقتل عباس في يوليو (تموز) عام ١٨٥٤ م ؛ أي سنة قيام ديدييه بالرحلة. ويسجل ديدييه ظروف مقتل عباس الذي يلقى من ديدييه هجوما عنيفا ، وانتقادا لاذعا ساخرا ، شأنه شأن الكتاب والرحالة والسياسيين ، والعسكريين الفرنسيين الذي بالغوا في انتقاد عباس باشا بسبب ميله إلى البرطانيين ، واستبعاده الفرنسيين من خدمته ، فأقصى معظم الخبراء الذين كانوا في خدمة جده محمد علي ، فتضاءل النفوذ الفرنسي في عهد عباس ، ولم يعد إلى الظهور إلّا في عهد سعيد باشا. ويندرج نقد ديدييه لعباس باشا في هذا الإطار ، وإن كان ديدييه يلبسه لبوسا إنسانيا يبدو من خلاله حريصا على البلد ومواطنيه ، ويردد ما ذكره الفرنسيون عن عباس مثل قول غابريل