الفصل الثامن
الأشراف والوهابيون (*)
يعد الأشراف السلالة الوحيدة في العالم الإسلامي التي توارثت النبل كابرا عن كابر ؛ فهم يعودون / ١٦٥ / بنسبهم إلى الحسن والحسين ، ابني فاطمة ، الابنة الوحيدة (١) للنبي محمد صلىاللهعليهوسلم. وهناك على امتداد العالم الإسلامي ، حتى أعماق المغرب ، عدد ضخم من الأشراف ، يدّعون النسب نفسه ؛ ولكن أشراف الحجاز عموما ، ومكة على الخصوص ينظرون إلى أنفسهم ، وينظر إليهم ، على أنهم الأحفاد الحقيقيون للنبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، وأن نسبهم هو الأكثر أصالة ، والأكثر توثيقا. ولما لم يكن في الشرق أحوال مدنية فإن أشجار النسب تقوم مقامها ، وتحفظ الأنساب بعناية كبيرة ؛ لذلك يوطد الأشراف نسبهم بمستندات مؤكدة. إنهم مقسمون اليوم إلى فروع متعددة ، لا يسمح دخول الغرباء فيها ، وينتشرون في كثير من أنحاء الجزيرة العربية ، وهم يعترفون بأنهم أقارب ، ويعاملون بعضهم بحسب ذلك في المناسبات كلها.
__________________
(*) استخدمنا مصطلح الوهابيين بعد أن كثرت كتب أهل هذه البلاد ممن بدا لهم أن الكلمة تحولت إلى مصطلح يدل على أتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب ، يرحمهالله ، ولم يعد له أي دلالة من الدلالات التي كان يذهب إليها أعداء الدعوة ، أما الأشراف فقد استفاض في الحديث عنهم سنوك هورخرونيه في كتابه صفحات من تاريخ مكة المكرمة ، موثق سابقا ، الجزء الأول.
(١) ليست فاطمة هي البنت الوحيدة للنبي صلىاللهعليهوسلم وإنما كان له أخريات ، ولكنها الوحيدة التي عاشت بعده ، وأنجبت من زوجها علي بن أبي طالب رضياللهعنه.