الفصل التاسع
من جدة إلى الطائف
في يوم ٢٢ فبارير (شباط) جاء مصطفى أفندي ، وكيل الشريف الأكبر ليقول لنا إن الهجن والرجال الذين أرسلهم الأمير لمرافقتنا إلى الطائف قد وصلوا. لقد تلقى الأمر بمرافقتنا ، وبألّا يتركنا إلّا عند عودتنا إلى جدة ، رجل ذو اعتبار في البلاد ، وشريف ، وحاكم مدني أو وال لمكة المكرمة / ٢٠٥ / لقد كان ذلك أكثر من مجرد اهتمام ، إنه شرف استثنائي بسبب أهمية الشخصية. كان اسم ذلك الرجل هو الشريف حامد الذي زارنا بعد بضع ساعات من وصوله ، يرافقه خمسة أو ستة من العرب ، يرتدون ثيابا جميلة ، وهم مدججون بالسلاح. كان يلبس وشاحا كبيرا أبيض ، وجبّة أرجوانية ، ويلتمع في حزامه يطقان مزخرف. كان هو وحراسه حفاة ، ولم أره أبدا يلبس حذاء. كان عمره سبعة وعشرين عاما ، ولون بشرته أسمر داكنا ، وكان له عينان واسعتان سوداوان تشعان حيوية ورقة. وكان لأسنانه بياض ساطع ، وفي صوته رنة الشباب ، ونداوة الفتوة ، وكان له ابتسامة ظريفة. استقبلناه بما يليق بمقامه ، وبمنصب الأمير الذي أرسله ؛ ولكنه طوال الزيارة لم ينبس ببنت شفة ، وليس ذلك مستغربا في الشرق حيث لا نتكلم عند ما لا يكون لدينا شيء لنقوله.
مع ذلك ، استغربت صمته ، بل إنه ، أكثر من ذلك ، أغاظني. هل كان ذلك خجلا أو عجرفة؟ ولست أدري إلى أي من السببين (الخجل أو العجرفة) أرجع ذلك الصمت المتمكن. وكان حكمي عليه في إطار الشك قاسيا ،