مكة المكرمة ، ولو لمحا فقط ، يسمحون له بالصعود بحرية إلى جبل عرفات ، وباستكشافه على هواه. ولما ذكرت / ٢٢١ / ذلك التناقض للشريف حامد اصطنع أنه لا يفهمني ، وكان جوابه الوحيد أنه رفع صوته قائلا : «الله أكبر ، ومحمد رسول الله!» ولكن ذلك لم يكن يكفي للإجابة عن سؤالي.
لقد كان يجري في تلك الأنحاء نبع ماء بارد ونمير ؛ وذلك كنز لا يقدر بثمن في تلك الصحراء ، كان النبع يجري من أسفل الجبل ويذهب إلى مكة المكرمة عبر قناة مغطاة ، مبنية ، ومطوية ، وينسب الناس شرف هذا العمل إلى السيدة زبيدة إحدى نساء الخليفة هارون الرشيد. وعند ما تجاوزنا المدينة المقدسة أدرنا لها ظهورنا وكان في هذا الجانب من المدينة عدد من المقاهي كما في الجانب الآخر ، وبعد استراحة قصيرة في مقهى عرفات الذي يقع في أسفل الجبل الذي يحمل اسمه ، وحيث وجدنا ، وهذا شيء نادر ، لبنا. تابعنا طريقنا عبر وادي نعمان ؛ وهو واد رملي ، شديد الحرارة ، تنتشر فيه جنيبات شوكية ، ونباتات جميلة جدا ، لها أوراق سميكة ، طولها من ست إلى ثماني أقدام ، ولها أزهار بيضاء وبنفسجية ، بتلاتهاPe ? tales ناعمة نعومة المخمل. وعند ما ينكسر ساقها يخرج منه سائل يشيع في البلد أنه يذهب بالبصر. نسيت الاسم الذي يطلقه العرب على هذه النبتة ؛ ويسمونها في السودان حيث تنتشر بكثرة عشر (١) Ochar. وكان أحد الضباع الضخمة القابع وراء دغل قد هرب لدى اقترابنا منه ، وظل طوال مدة جريه يبدو وكأنه نقطة سوداء على رمال الصحراء الملتمعة. توقفنا ثانية / ٢٢٢ / لاستراحة طويلة في مقهى شداد الواقع في أسفل جبل كرا ، الذي كان طوال اليوم في مواجهتنا ، والذي كان علينا الآن تجاوزه. كان علينا الترجل عن الهجن التي لا تستخدم ركوبا لدى تجاوز الجبال ، وهي في الواقع ليست مهيأة لذلك. لقد كان على هجن قافلتنا أن تقوم
__________________
(١) ذكره بوركهارت في رحلاته ... ، موثق سابقا ، ص ٢٧١ ، وقال إنه ذكره كثيرا في رحلته إلى بلاد النوبة ، وقال المترجمان : إنه عريض الورق ومنابته في الحجاز ونجد ، واسمه اللاتيني Asclepia وقد ورد في معجم الشهباي أنها فصيلة نباتية من ذوات الفلقتين منها الصقلاب والعشر.