كتبه عن «الأشراف والوهابيين». وقد وضحنا كل ذلك في حواشي الترجمة. لقد كان ديدييه مطلعا على رحلة تاميزييه (١) ، وعلى رحلة روشيه ديريكور ، الذي توفي في جدة يوم ٩ آذار (مارس) ١٨٥٤ م وشارك ديدييه في دفنه. وتظهر الفقرات التي تحدث فيها عن الأمة العربية أنه مطلع على تاريخ الحضارة العربية وإنجازاتها الأدبية والعلمية فهو يقول : «إنها أمة عالمة ومثقفة ، نبغت في العلوم قدر ما نبغت في الفن والحروب. لقد كانت خلال أمد طويل ، أمة مبتكرة حيثما قادها حماسها الديني ، لقد كان لها مدارس تزدهر فيها دراسة الطب والعمارة والرياضيات والفلك. وفي هذه المدارس تعلم الغرب ، وأبدعت روائع أدبية ما زالت حتى اليوم متعة العقول المثقفة كلها» (٢).
تنوعت مصادر ديدييه التي استخدمها أحسن استخدام ، فأغنت ملاحظاته الشخصية ، ومدوّناته اليومية ، وكان مآل ذلك كله هذه الرحلة الممتعة.
٤ ـ ملابسات الرحلة (٣)
يكرر ديدييه في غير موضع من رحلته ، أنه ليس في مهمة رسمية ، وأن رحلته ليس لها أي هدف سياسي ، وأن المصادفة وحدها هي التي قادته إلى
__________________
ـ الممتدة بين المدينة المنورة ومكة المكرمة. انظر : رحلات في شبه الجزيرة العربية ، جون لويس بوركهارت ، ترجمة د. عبد العزيز الهلابي ود. عبد الرحمن الشيخ ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط ١ ، ١٤١٣ ه / ١٩٩٢ م ، ص ٣٧٢.
(١) استنتجنا ذلك بالاعتماد على معلومات أوردها ديدييه ووجدناها عند تاميزييه في كتابه : رحلة في بلاد العرب ، انظر نص ديدييه بالفرنسية ، ص / ٢٢٠ / وتعليقنا عليه.
ويبدو أن ديدييه قد اطلع على أخبار الرحلات الفاشلة التي جرت لسبر القارة الإفريقية ، انظر : ص / ٣٦ / من الأصل الفرنسي.
(٢) انظر : النص الأصلي لرحلة ديدييه ص / ٣٠٠ /.
(٣) نشكر للأستاذ الدكتور أحمد خالد البدلي ملاحظاته التي دعتنا إلى إعادة النظر فيما كنا قد كتبناه عن الرحلة في مقالنا في مجلة «الدرعية».