الفصل الأول
صحراء السويس
يفصل القاهرة عن السويس صحراء مساحتها ١٠٠ ميل. كان الناس في الماضي يخشونها ؛ إما بسبب انعدام الماء فيها بتاتا ، وإما بسبب البدو الذين كانوا ينهبون القوافل فيها. ولكن مظاهر الحضارة دخلت الصحراء ، فلم يعد من المناسب معه إطلاق اسم الصحراء عليها ؛ فقد قامت حكومة محمد علي الحازمة بتطهيرها من اللصوص الذين كانوا ينتشرون فيها ، وانتشر الأمن فيها أنتشاره في طريق باريس في فرساي ، بل ربما أصبحت أكثر أمنا منها. ثم إن إدارة العبور (الترانزيت) المكلفة نقل الأمتعة والركاب إلى الهند عبر مصر أنشأت لهذا الغرض طريقا / ٢ / وسيّرت عليه عربات ، وأقامت محطات (مراكز) بريدية بلغ عددها خمسة عشر مركزا ، زودتها بماء النيل الذي يباع بأسعار مرتفعة ، وأهم تلك المراكز : هي الرابع ، والثامن ، والثاني عشر ، والثاني على وجه الخصوص. وتعدّ تلك المراكز مجموعة من النزل ، نعم ، أيها القارىء ، إنها نزل في قلب الصحراء ، وسيكون التحوّل في هذه المنطقة جذريا عند الانتهاء من أعمال سكة الحديد التي يجري العمل فيها لإتمام السكة المقامة بين الإسكندرية والقاهرة ، والتي تسير القطر عليها منذ زمن. وستربط السكة الجديدة البحر الأحمر بالبحر المتوسط بالنتظار أن يأخذ شق القناة في المستقبل بيد مصر القديمة إلى مصير جديد.
أمّا عربات النقل فهي علب بشعة ، مطلية باللون الأبيض ، لتعكس أشعة