حادث. ورسا مركبنا عند الغسق في خليج صغير ، آمن كل الأمان ، يتشكل من انحناء بسيط من جبال عنيزة (١) (؟) Nayazat ، الذي ينتمي شأنه شأن الجبلين السابقين إلى السلسلة الجرانيتية لسيناء. ومرت الليلة الثانية كما مرت الأولى. وفي اليوم التالي ، كنا عند طلوع الفجر قد أبحرنا ، تساعدنا في ذلك ريح منعشة ومؤاتية ، ولم نلبث أن تجاوزنا رأس صويرة ، وعند الظهيرة كنا في الطور (٢) Tor وليس Thor كما تكتب على الخرائط. ها أنذا في آسيا ، ولكن هذه الأم القديمة للجنس البشري ، بدت لي للوهلة الأولى بملامح مغرية. اشتهرت الطور في غابر الأزمان وفيروزها (٣) ، ولكنها منذ زمن طويل نسيت صيد / ٣٨ / اللؤلؤ ، وفقدت مناجم الفيروز ، وأجهل ما ستكون عليه في الأيام القادمة. ولكنني أعلم اليوم أنها بلدة صغيرة كريهة ، تسكنها جالية يونانية غير مضيا وجشعة ، تجعل المرء يحن إلى العرب ، بل إلى الأتراك ، وشيخ البلد يوناني من سكان المدينة يسمى كوستاندي Costandi ، كنت أحمل له رسالة من كوستا ، ولكنه لم يكلف نفسه عناء تقديم القهوة أو الشيشة ، وهما علامتان أساسيتان من علامات اللياقة الشرقية في مجال التمدن. تقدم القهوة لكل الناس دون تمييز ، وتقدم الشيشة إلى من هم على منزلة باعتبارها علامة من علامات الاحترام ، وإلى الأقران باعتبارها من علامات الشهامة. ويقيم في الطور أحد العرفاء البسطاء (إنباشي) (٤) مع حامية مؤلفة من عشرة جنود إقامة
__________________
(١) كتبت في الترجمة الإنكليزية لرحلة ديدييه ، موثق سابقا ، ص ٢٠ كما هي في الأصل الفرنسي.
(٢) انظر حديثا مفصلا عن مدينة الطور وتاريخها في كتاب : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ١٣٢ ـ ١٣٨.
(٣) انظر : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ٧٩.
(٤) إنباشي : رتبة عسكرية من رتب الجيش المصري العثماني في مصر ، استحدثت في عهد ولاتها من أسرة محمد علي باشا ، يقابلها اليوم وفق المصطلحات العسكرية رتبة عريف ... وعلامتها شريط واحد مصنوع من القماش معلق على صدر حامله.
انظر : معجم المصطلحات ... ، موثق سابقا ، ص ٤٧.