سيئة ، وقد كان أكثر كرما من اليوناني : إذ على الرغم من أنه كان فقيرا حتى إنه لا يستطيع تقديم القهوة كما تقتضي عادات الضيافة ، إلّا أنه أجبرني على استخدام شيشته الخاصة لأنه لا يملك أخرى ، وقد فرش لي على المقعد الحجري الذي كان يتخذه مقعدا ، أجمل سجادة يملكها. إن في الطور مسجدا يقع في موقع جذاب على شاطىء البحر ، وفيها أيضا كنيسة إغريقية وسخة ومظلمة ، بيد أنني وجدت فيها عددا من الكتب واللوحات الغريبة ، واستقبلني فيها راهب عجوز يضع نظارتين. أما من الناحية الروحية فإن المدينة ، إن كان هناك مدينة ، تابعة لرئيس الأساقفة الإغريقي لجبل سيناء ، وسياسيا لباشا مصر الذي تمتد سلطته حتى هذا المكان. ونشاهد فيها أيضا بقايا سور كان يحيط بالمكان ، وبقايا حصن صغير / ٣٩ / أنشأه السلطان سليم الأول (١) ، الذي حصّن كل المواقع المتقدمة في إمبراطوريته. لقد بني الحائط والحصن ، وكذلك بيوت المدينة من الحجارة المزينة بالأصداف التي تكثر على شواطىء البحر الأحمر. إن أفضل ما في الطور ماؤها : وإن المراكب التي تمر في هذه المنطقة لا تعدم التزود بالماء وتخزينه ؛ مما يمنح ميناء الطور (٢) بعض الحيوية والحركة. يحيط بالمدينة سهل رملي ، لا نجد فيه من النبات إلّا طاقات متفرقة من نبات قصير ومعمّر يكثر في كل الصحاري ، وله ثمر صغير أحمر له طعم لذيذ. وتغمر مياه المد القسم الأدنى من السهل ، ويترك المد بعد انحساره في ذلك القسم ملحا ، ويمتد ذلك السهل من جهة الشرق حتى يتصل بسلسلة طويلة من الجبال لها هيئة سوداء قاتمة ، وتشكل قمة سربال الجبلية نقطة الذروة فيها ، وتبعد بعض الأميال عن المدينة صعودا نحو الشمال غيضة أشجار
__________________
(١) انظر : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ١٣٨ ، وسليم الأول (١٤٧٠ ـ ١٥٢٠ م) سلطان عثماني من (١٥١٢ ـ ١٥٢٠) فتح فارس ، وسوريا ، ومصر ، ويعد أول الخلفاء العثمانيين (عام ١٥١٧ م).
(٢) جاء في كتاب : تاريخ سيناء ... ، موثق سابقا ، ص ١٣٣ : «... ولهذه المدينة ميناء حسن له جرف مرجاني يمتد عشرات الأمتار تحت الماء حتى إنه يمكن للسفن البخارية الاقتراب من البر بسببه. وهو ضيق جدا لا يسع إلا للسفن الصغيرة ...».