المؤقتة : / ٧٨ / لقد بدا لي أن الجشع هو السمة المميزة في طبعهم ؛ وقد تجاوزوا بها معنا حدود المعتقد والخجل.
كان عليّ أن أرسل في الأمسية التي وصلنا فيها رسالة إلى المهندسين الفرنسيين المقيمين في وادي حبران ، وقد طلبوا منا لحمل الرسالة مبلغ ٤٠ قرشا ؛ وهو مبلغ ضخم في هذا البلد. وكان يمكن لأول أعرابي نراه أن يحمل الرسالة مقابل مبلغ أقل بعشر مرات مما طلبوا ؛ لقد ساومنا واتفقنا على دفع نصف المبلغ ، ولسنا بحاجة إلى القول : إن الدير يحتفظ بالمبلغ كله ، أما المراسل المسكين فإنه لا يحصل على بارة واحدة مقابل تعبه. إن الرهبان اليونانيين الذين يحسبون حساب كل شيء بادروا من قبل ، ولكي لا نضع في حسابنا الحصول على أية منافع ولو كانت صغيرة ، إلى التلميح بخصوص الرسالة التي حملناها إليهم من كوستا إلى أنها كانت كافية لتفتح أبواب الدير لنا ، ولكنه كان من الأفضل أن نطلب رسالة من سلطتهم العليا في القاهرة ، وإن ما ينبغي معرفته أن هذه الرسالة تشترى بريال فضي واحد ، بينما لا يستفيدون شيئا من رسالة كوستا. لقد أوصونا في اليوم التالي وألحوا في وصاتهم أن نعطيهم حتى مخصصات الخدم الذين رافقونا في رحلتنا إلى جبل سيناء بحجة أن الخدم سيفقدون تلك الأموال بين الصخور ؛ لقد كانوا بكل بساطة يودون الاحتفاظ بها لأنفسهم ؛ ولم يكن ذلك إلّا بداية واعدة ، وفّت فيما بعد بما وعدت. / ٧٩ / لقد أجبرونا بادىء ذي بدء ، وأكاد أقول بالقوة ، على شراء عجينة من التمر من صنعهم ، وسبحات هزيلة صنعوها من سبحاتهم القديمة ، وثمار المنّ معبأة في علب من الصفيح ، وخواتم فضية عليها الأحرف الأولى من اسم القديسة كاترين ، وغير ذلك من طرائف موجوداتهم ، بثمن باهظ. أما بخصوص الطعام فإن الأمور كانت تجري على الشكل التالي : يأخذ الدير على عاتقه تقديم الخبز لكل زائر وذلك موجود في شروط تأسيسه. يوزع ذلك الخبز اليومي في الصباح على البدو والبدويات ؛ لأنني رأيت هنا عددا منهن ، وكان بينهن واحدة شابة وجميلة ، لها عينان ساحرتان ، وأسنان لامعة ، ولم تكن محجبة ؛ وإن نساء البادية كنّ في هذه الناحية أكثر حرية ، وأقل تشددا من بقية المسلمات.