إذا يحق للمسافرين الحصول على خبز الدير ، شأنهم شأن كل الناس ، ولا يحق غير ذلك أبدا : أما كل الباقي فهذا شأن المسافر ، إنهم يسمحون باستخدام المطبخ ، ولكنه خال وبدون نار. وإذا أراد الزوار استخدامه فعليهم أن يحضروا كل شيء معهم ، بدءا من القدور والفحم وانتهاء بالأطعمة والتوابل المخصصة لأبسط ضرورات الحياة. ونستطيع التفاهم بسهولة مع الراهب الذي يشرف على المطبخ فنحصل منه مقابل مبلغ معقول على الأشياء التي لا غنى عنها في شؤون الحياة المادية ؛ وهو يبيعك مقابل أي / ٨٠ / مبلغ ، مهما كان قليلا ، عرقا يدعي أنه مصنوع من عنب قبرص.
أما نحن فلم نكن بحاجة إلّا إلى أشياء قليلة جدا ، لقد حملنا معنا كل الضروريات ، وما يزيد عن حاجتنا. لقد كان رفيق رحلتي مثال البريطاني في هذه الناحية ، كان حريصا على راحته ، ويحب ملذات الحياة ، وكان يرى أنه يخطىء في حق نفسه إن لم يتناول يوميا في قلب الصحراء وجبة عشاء كاملة ، ولو كان عليه أن ينتظرها حتى منتصف الليل ، كان ذلك عنده مسألة كبرياء وإحساس بالذات : لقد كان في ذلك امتحان لكرامته باعتباره رحالة. ولما كان قد عرف أن عيد ميلاده يصادف وهو في سيناء ، ولما كان حريصا على الاحتفال بالمناسبة كما ينبغي أن يفعل ذلك ابن بريطانيا الحقيقي ، فإنه حمل معه من القاهرة لهذه المناسبة ديكا روميا محشوا بالكمأة ، بل وحمل معه أيضا الشمبانيا التي فاجأني بها ، وشرفني أن أشاركه في شربها.
كانت وجبة الطعام سهلة التحضير مع وجود مثل هذا الصحن الأساسي ، وكان ما حملناه من الأطعمة للرحلة يكفينا ويزيد. إذا ، كنا نأكل على حسابنا الخاص ، وكانت موارد الدير غير ذات أهمية بالنسبة إلينا.
ليس هناك حتى هنا ما يستحق النقد ، وإنه لمن العدل أن يدفع المسافرون ثمن ما يأكلونه ، ولا يمكن أن نطلب من الدير أن يفلس من أجل أن ينفق على مأكلهم : لذلك قمنا باجراء المطلوب عن طيبة خاطر ، وبلا مساومة. ولكن ، وفي لحظة حرجة ، أعني / ٨١ / لحظة الرحيل ، حدث مشهد ينسجم تماما لو